الصراع الأميركي ـ الايراني حول لبنان.. الى أين؟… عبد الكافي الصمد

أعطى وكيل وزير الخارجية الأميركية السفير ديفيد هيل، الذي زار لبنان مؤخراً لمدة ثلاثة أيام، مؤشراً على أن تأليف الحكومة لن يكون قريباً، وأن الأيام الـ237 التي مرت منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي مفتوحة، في ضوء إنسداد جميع مخارج الحلّ والتسويات.

فبعد لقائه الحريري، أعلن هيل عن ″تشجيع″ حكومة تصريف الأعمال ″على المضي قدماً حيث يمكنها، وخصوصاً على الصعيد الإقتصادي، لتجنّب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية″، وفي ذلك إشارة الى دعم إدارته حكومة الحريري المستقيلة على استمرارها بأعمالها بشكل عادي وكأنها حكومة طبيعية، في موقف يحمل أبعاداً عديدّة تعكس بوضوح طبيعة الموقف الأميركي، سواء في الشكل أو المضمون، من أبرزها:

أولاً: حرص هيل على إطلاق مواقفه بعد لقائه الرئيس الحريري وعبر بيان مكتوب، ما يدل على أنه ناقش المواضيع التي أتى البيان على ذكرها مع الرئيس المكلف، وعلى دعم الحريري في موقعه ومواقفه، وعلى أن تكون مواقف المبعوث الأميركي واضحة وغير قابلة لأي تأويل، ودلالة على أن هذه المواقف لم تكن إرتجالية، بل مدروسة وجرى التحضير لها مسبقاً.

ثانياً: دعم هيل حكومة تصريف الأعمال على المضي قدماً حيث يمكنها، ليس حرصاً من الإدارة الأميركية على تسيير أمور الدولة اللبنانية ومواطنيها، بل لأنها ترى الحكومة الحالية أكثر قبولاً عندها من حكومة مقبلة تخشى أن يكون لحزب الله وحلفائه دوراً تمثيلياً أكبر فيها، وهي خشية عكستها المواقف المتشددة التي أطلقها هيل بحق الحزب، وهي ليست جديدة، إنما اللافت كان توقيتها والظروف المحيطة بها والمكان الذي أطلقت منه، ما يدل بوضوح ليس على استمرار دعم واشنطن لحلفائها في لبنان إنما أيضاً في تشجيعهم على عدم تقديم أي تنازل لحزب الله وحلفائه بملف تشكيل الحكومة، وإلغائهم بشكل أو بآخر مفعول نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، التي أسفرت عن تقدّم الحزب وحلفائه، وحصدهم الغالبية في مجلس النواب الحالي.

ثالثاً: جاءت مواقف هيل من لبنان، ومعها مواقف وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو المماثلة في تشدّدها تجاه إيران وحلفائها، وعلى رأسهم النظام السوري وحزب الله، لتطرح عدة تساؤلات، حول إن كانت هذه المواقف هي للتغطية وإثارة الغبار بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن انسحاب القوات العسكرية الأميركية من سوريا، وأن الأمر ليس إنهزاماً لاميركا أمام خصومها في المنطقة، كما يروجون، ومن أجل التعمية على الإنفتاح العربي الأخير على سوريا وتطبيع العلاقات معها مجدداً بإعادة دول عربية عدة فتح سفاراتها في دمشق، ومن أجل تقطيع المرحلة المقبلة بأقل قدر ممكن من الخسائر السياسية والعسكرية والإستراتيجية التي منيت بها أميركا وحلفائها في المنطقة، تمهيداً لإعادة ترتيب الكثير من الأوراق فيها، وهي سياسة لطالما إتبعتها واشنطن في أكثر من منطقة في العالم، بما فيها الشرق الأوسط في اوقات معينة.

رابعاً: جاء ردّ سفارة إيران في بيروت، عبر بيان غير مسبوق لجهة ردّ السفارة الإيرانية على تصريحات مسؤولين أميركيين يزورون لبنان، على كلام هيل، ليؤكد أن لبنان هو ساحة بارزة للصراع بين واشنطن وطهران، بعدما اعتبر بيان السفارة أن لبنان أصبح اليوم رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية، بحيث أصبح حصيناً وعصياً على إملاءات الآخرين وأعدائه، فلا يسمح لأي طرف كان بأن يملي عليه القرارات الخاطئة.


مواضيع ذات صلة:

  1. مواجهة أمل والتيّار الوطني الحرّ.. إلى أين؟… عبد الكافي الصمد

  2. نوّاب اللقاء التشاوري للحريري وباسيل: نحن هنا… عبد الكافي الصمد

  3. وقت ضائع يملأ الفراغ الحكومي بانتظار سين ـ سين جديدة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal