العرب يعودون إلى سوريا .. أين لبنان؟… عبد الكافي الصمد

″تعلن وزارة الخارجية والتعاون الدولي عودة العمل في سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في دمشق حيث باشر القائم بالأعمال بالنيابة مهام عمله من مقر السفارة في الجمهورية العربية السورية الشقيقة إعتباراً من اليوم (أمس)″.

على هذا النحو أعلنت الإمارات عن إعادة العلاقات الديبلوماسية بينها وبين سوريا، إثر إغلاق سفارتها في دمشق عام 2011، بعد حملة قادتها مع دول عربية أخرى لتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وقطع العلاقات الديبلوماسية معها، قبل أن تشارك بشكل أو بآخر في حمّام الدم  في سوريا، لتكتشف بعد سنوات عبثية الخطوات التي اتخذتها حيال الأزمة السورية.

من يراقب الخطاب الرسمي للإمارات ويقارن بين ما كان عليه بين عام 2011 حتى يوم أمس، يلاحظ تحوّلاً بنسبة 180 درجة، إذ بعد الدعوة لـنصرة الشعب السوري، وأن أيام الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة باتت معدودة، وغيرها من حملات التحريض على اختلافها التي قادتها وسائل إعلام إماراتية، كانت وزارة خارجية الامارات تعرب أمس عن تطلعها إلى أن يسود السلام والأمن والإستقرار في ربوع الجمهورية العربية السورية، مؤكدة أن هذه الخطوة (إعادة فتح السفارة) تؤكد حرص حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي، بما يعزز ويفعل الدور العربي في دعم إستقلال وسيادة الجهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري.

خطوة الإمارات هذه كان جرى التمهيد لها منذ فترة من خلال مواقف وتسريبات، ما جعلها متوقعة، وهي جاءت بعد الزيارة المفاجئة للرئيس السوداني أحمد حسن البشير إلى دمشق، في 18 تشرين الثاني الماضي، وقبل إعادة فتح سفارة البحرين في العاصمة السورية الأسبوع المقبل، كما رجّحت وسائل إعلام، وزيارة قريبة متوقعة للرئيس العراقي برهم صالح إلى دمشق.  

كل ذلك يأتي في سياق حملة إعادة إنفتاح واسعة على سوريا، من قبل دول عربية قطعت علاقاتها الديبلوماسية معها قبل نحو 7 سنوات، وهي بدأت بإعادة فتح معبر نصيب بين الأردن وسوريا في 15 تشرين الأول الماضي، ما يدفع للتساؤل أين لبنان الرسمي من رحلة العودة إلى عاصمة الأمويين التي بدأتها دول عربية، وستتبعها أخرى قريباً بعدما سقطت كل رهاناتها ومغامراتها؟.

حتى الآن ما تزال الحكومة اللبنانية تراوح مكانها حيال مقاربة العلاقة مع سوريا، بسبب الإنقسام السّياسي الداخلي حول العلاقة مع دمشق، برغم وجود ملفات مهمة وطارئة تستدعي التواصل بشكل دائم بين حكومتي البلدين، نظراً لخصوصية العلاقة بينهما على كل الصعد، سياسياً وامنياً وإقتصادياً وإجتماعياً، وتحديداً بما يتعلق بوجود نحو مليوني نازح سوري في لبنان، لكن الحكومة اللبنانية سارت بالمقلوب في علاقتها مع سوريا، ففي وقت كانت فيه دول عدة تتواصل مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة النازحين، أوكلت حكومة الرئيس سعد الحريري المهمة إلى وزارة دولة لشؤون النازحين، إستحدثتها لهذه الغاية، سلمت مهامها إلى النائب في تيار المستقبل معين المرعبي، الذي لم يتوقف يوماً عن إطلاق مواقف عدائية تجاه الحكومة السورية.

وفي وقت تستعد فيه بيروت لاستضافة القمّة العربية الإقتصادية والتنموية بين 19 و20 كانون الثاني المقبل، كان وزير الخارجية جبران باسيل يجول من دولة عربية إلى أخرى، لتوجيه دعوات لها لحضور القمة، باستثناء سوريا، التي تحجّج باسيل وقوى سياسية لبنانية أخرى بأن قرار دعوة سوريا للقمّة يعود إلى الجامعة العربية التي علقت عضويتها فيها، وأن عودة سوريا لحضور مؤتمرات الجامعة مقرون بقرار يفترض أن يصدر مسبقاً عن الجامعة العربية، وأن لبنان لا يمكنه الخروج على قرارات الجامعة والإجماع العربي.

لكن يبدو أنّه فات باسيل وقوى سياسية لبنانية أخرى أن العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا تسمح له بتجاوز قرارات الجامعة، خصوصاً وأن هناك دولاً كالإمارات مثلاً، أعادت علاقتها مع سوريا ولم تنتظر قرار الجامعة، وأن لبنان كان يمكنه أن يكون على رأس الدول العربية التي تقود إلى ترتيب البيت العربي، لكن حكومته إختارت أن تكون تابعة لا متبوعة، وضيّعت فرصة لا تقدر بثمن لإخراج البلد من أزماته المتعدّدة.


مواضيع ذات صلة:

  1. قمّة بيروت أمام 3 إحتمالات: دعوة سوريا، التأجيل .. أو تطييرها… عبد الكافي الصمد

  2. قمّة بيروت الإقتصادية: أين مصلحة لبنان بتجاهل باسيل لسوريا؟… عبد الكافي الصمد

  3. حسابات الربح والخسارة في التسوية الحكومية… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal