بعد ″النأي بالنفس″.. عون يلاقي ميقاتي في رفض الأعراف الجديدة… غسان ريفي

ليست المرة الأولى التي تُلاقي فيها قيادات في السلطة اللبنانية الرئيس نجيب ميقاتي في تطلعاته، أو تلتزم بمبادئ أو شعارات كان أطلقها سابقا، ولعل شعار ″النأي بالنفس″ الذي إبتكره ميقاتي خلال حكومته بهدف حماية البلد أكبر دليل على ذلك، وهو بالرغم من الحرب الشعواء التي واجهها في تلك الفترة، ما لبث هذا الشعار أن تحوّل في حكومتيّ الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري الى خارطة طريق للعبور بين حقول الألغام السياسية والأمنية، وهو من المفترض أن يشكل ″قاسم مشترك″ بين التيارات السياسية، ليكون عنوان البيان الوزاري للحكومة التي ما يزال اللبنانيون ينتظرون ولادتها بفارغ صبر.

كان التناغم واضحا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي في يوم عيد الميلاد، ولم تكن إشادة ميقاتي بتصريح عون في بكركي قبل حضوره القداس الالهي من باب المجاملة أو المصلحة، وإنما كانت هذه الاشادة، لأن رئيس الجمهورية وصل في موقفه السياسي الى المحطة التي يقف فيها ميقاتي منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة في 24 أيار الماضي، لجهة التمسك بالدستور وروحيته والابتعاد عن أي إجتهاد والحفاظ على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف أيا يكن هذا الرئيس، وعدم خلق أعراف أو تقاليد جديدة في تأليف الحكومة.

لذلك فقد غرد ميقاتي على حسابه على موقع تويتر معتبرا أن رئيس الجمهورية وضع الاصبع على الجرح، مشددا على ضرورة العودة الى الدستور..

لا شك في أن تغريدة ميقاتي وضعت الاصبع على جرح رئيس الجمهورية، وحملت جملة من الرسائل السياسية وفي عدة إتجاهات لجهة ضرورة وقف العبث الحاصل في تشكيل الحكومة، والتأكيد على ما كان صرح به ميقاتي في القصر الجمهوري قبل أيام، بأن باب الحكومة يُفتح فقط بمفتاحيّ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، وأن كل ما عدا ذلك من شأنه أن يضاعف من العراقيل والتعقيدات.

يبدو واضحا أن ما يزعج ميقاتي اليوم هو تفلت الأمور من عقالها لدى بعض التيارات السياسية التي لا تتوانى عن مصادرة دور رئيس الحكومة المكلف، لتفرض عليه الحقيبة التي تريدها والوزير الذي يشغلها، ما يجعله مجرد ساعي بريد ويجعل رئيس الجمهورية  من دون أي دور، فضلا عن قيام تيارات سياسية بالاعلان عن أسماء وزرائها وقيام بعضهم بتفقد مبنى الوزارة التي سيتسلمها، وهو أمر غير مسبوق في تشكيل الحكومات، ولا يليق بالرئيسين عون والحريري ويضرب كل الصلاحيات التي منحهما إياها الدستور.

كما أن ميقاتي في إشادته بتصريح رئيس الجمهورية، أحرج كثيرا من قيادات التيار الوطني الحر الذي يسعى بعض وزرائه ونوابه منذ فترة الى إيجاد أعراف جديدة مكان النصوص الدستورية، خصوصا أن أحد نوابه قال قبل فترة: لقد إستطعنا تعديل إتفاق الطائف بالممارسة والأعراف ما لم نستطع أن نعدله بالنصوص، وهذه من حسنات الرئيس القوي..

لكن يبدو أن الرئيس القوي بدأ يشرب من الكأس نفسه من أكثر من جهة سياسية، لذلك فقد جاءت صرخته من على منبر أعلى سلطة دينية مارونية برفض هذه الأعراف والتقاليد الجديدة، وقد أكد موقفه على صوابية خطوات الرئيس نجيب ميقاتي الذي يكاد أن يكون الجهة السياسية الوحيدة التي إتبعت الأصول لجهة اعطاء الرئيس المكلف حرية إختيار الوزير الذي سيمثل كتلة الوسط المستقل.


مواضيع ذات صلة:

  1. نجيب ميقاتي.. كاسحة ألغام لضمان سلامة البلد… غسان ريفي

  2. ميقاتي يُزعج الآخرين بصمته: الصورة قاتمة جدا… غسان ريفي

  3. ميقاتي يدفع ثمن حماية الطائف.. وصلاحيات رئاسة الحكومة؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal