هل تدفع العقد الجديدة بالحريري إلى الإعتذار؟… عبد الكافي الصمد

بعدما وصلت ″لقمة″ الحكومة إلى الفم مرتين، وكادت أواخر تشرين الأول الماضي ومنتصف شهر كانون الأول الجاري أن تبصر النور، عادت الأمور إلى المربع الأول وكأن كلّ ما أنجز من تسويات على مدى 216 يوماً، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، قد ذهب أدراج الرّياح.

في المرّة الأولى أطاحت العقدة السنّية بحكومة الوحدة الوطنية بعدما رفض الحريري توزير أحد النوّاب السنّة الستّة المعارضين له، والمنضوين في اللقاء التشاوري، إثر تمسّك حزب الله بتمثيلهم في الحكومة كشرط أساسي؛ وفي المرّة الثانية بعدما سحب نواب اللقاء التشاوري إسم جواد عدرا ليكون ممثلاً عنهم في الحكومة، بعدما رفض أن يكون ناطقاً باسمهم داخل مجلس الوزراء، رافقه مطلب رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل إعادة توزيع الحقائب الوزارية بغية حصوله على حقائب معينة، ما أدى إلى تجميد مساعي تأليف الحكومة والتهديد بفرط كل التسويات التي تمّ التوصل إليها في السابق.

وبعدما طارت كل الوعود حول تأليف الحكومة قبل أو خلال فترة الأعياد، تبيّن أن مصيرها قد أصبح مجهولاً، بعد ظهور عقد جديدة، أبرزها:

أولاً: أظهر التضارب في وجهات النظر حول الإرباك الذي رافق حلّ العقدة السنّية والتراجع عنها، ونشر روايات متضاربة حول ما حصل، أن هناك فخّاً ما نُصب لنواب اللقاء التشاوري لم يُكتب له أن يمرّ بنجاح كما كان مرسوماً، أعقبه تصلّب النوّاب السنّة الستّة بموقفهم بتسمية من ينوب عنهم يكون ممثلاً عنهم قولاً وفعلاً داخل الحكومة، وأن يكون محسوباً عليهم حصراً وليس على أي جهة أخرى، وصولاً إلى حدود تلويحهم باحتمال إعادة الأمور إلى نقطة البداية مجدّداً والمطالبة بتمثيل أحدهم وليس من ينوب عنهم.

ثانياً: فجّر مسعى باسيل إعادة توزيع الحقائب مجدّداً تسويات تأليف الحكومة، بعدما طالب بالحصول على وزارة البيئة (التي أعطيت للرئيس نبيه بري) أو وزارة الصناعة ( التي آلت إلى الحزب التقدمي الإشتراكي)، مقابل تنازله عن وزارة الإعلام التي تبيّن أنها ليست دسمة مالياً، وأن حصّتها متواضعة من مخصصات مؤتمر “سيدر” لدعم لبنان، إذ رفض الحزب الإشتراكي الفكرة جملة وتفصيلاً، في حين إصطدم الحريري، الذي كان يُسوّق لمطلب باسيل، برفض برّي التام للموضوع، ونقلت معلومات أن اللقاء بين الرجلين لهذا الغرض كان قصيراً ولم يتعد ربع ساعة، وكان متوتراً، بعدما قال برّي للحريري: تطالب بإعادة توزيع الحقائب والصبي مات؟ (في إشارة إلى الحكومة)، ومضيفاً: إذا كان هناك نيّة لإعادة النظر في ما اتفق عليه بالنسبة إلى الحقائب، فلنعد الحديث من البداية، فنحن (أي الثنائي الشيعي) حجمنا النيابي يساوي 8 وزراء وليس 6، إذ لدينا نواب من طوائف أخرى.

ثالثاً: أعاد مطلب باسيل تبادل حقائب مسيحية مع القوات اللبنانية بالعقدة المسيحة إلى الواجهة من جديد، بعدما لم ينجح في الحصول على 11 وزيراً في الحكومة يؤمّن له أن يمتلك الثلث المعطل فيها. إذ بعدما فشل في نزع حقيبة الأشغال من حضن تيار المردة، إستدار نحو القوات اللبنانية لتبادل حقيبة وزارية من حصّة الكاثوليك بأخرى من حصّة الموارنة، وهو ما رفضته القوات اللبنانية، وأثار توجسّاً من أن يكون ذلك مقدمة لنسف تسوية العقدة المسيحية.

أمام هذا الواقع، وبعدما اصطدم الحريري بحائط مسدود، وأظهرته على غير ما يفترض أن يكون عليه كرئيس مُكلّف تأليف الحكومة، وليس وسيطاً لإرضاء طرف سياسي على حساب طرف آخر، وعدم قدرته على حلّ العقد التي واجهته، وإيثاره في نهاية المطاف الصمت وليس المبادرة لإخراج الأزمة الحكومية من عنق الزجاجة، بدأ همس يدور في أروقة سياسية يقول إن الحريري قد يُقدّم إعتذاره عن تأليف الحكومة، وهو خيار قد يتخذه تحت الضغط، أو بسبب رفض القوى السياسية التعاون معه لتسهيل ولادة الحكومة، ما سيجعله يجد نفسه حينها غير قادر على القيام بمهمة تأليف الحكومة التي أُوكلت إليه.


مواضيع ذات صلة:

  1. سجال كرامي ـ المستقبل.. يُجهض مساعي حلّ العقدة السنّية… عبد الكافي الصمد

  2. عقدة باسيل تؤخّر تأليف الحكومة: 11 وزيراً؟… عبد الكافي الصمد

  3. مئتا يوم على تكليف الحريري: أفقُ مسدود… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal