السودان طريق اسرائيل الجديد نحو التطبيع… اياد القطراوي

طبخة جديدة على نار هادئة لم تنضج بعد مكوناتها، اسرائيل والسودان تفاصيلها كشفتها وسائل اعلام إسرائيلية استنادا إلى مصدر أجنبي مطلع أن مبعوثا خاصا عن الخارجية الإسرائيلية عقد اجتماعا سريا مع مسؤولين من الحكومة السودانية بمدينة اسطنبول التركية أحدهم مقرّب من سفير الخرطوم الحالي في واشنطن رئيس المخابرات السوداني السابق محمد عطا في محاولة قالت إنها تهدف إلى تجديد الحوار بين الدولتين تمهيداً لإقامة علاقات ديبلوماسيّة.

وكشفت شركة الأخبار الإسرائيلية في 25 تشرين ثاني/نوفمبر أن الزيارة العربية المقبلة لبنيامين نتنياهو بعد سلطنة عُمان هي السودان من دون تحديد موعدها سعياً إلى إنشاء مسارات جوية مختصرة من إسرائيل إلى أميركا الجنوبية عبر أجواء السودان.

القناة الإسرائيلية العاشرة كشفت أيضاً أن عطا كان عُين قبل سنوات من قبل الرئيس السوداني عمر البشير مسؤولا عن الملف الإسرائيلي وقبل أشهر سفيرا للسودان في الولايات المتحدة الامريكية.

تهدف إسرائيل الى احتواء السودان كونه محاط بدول مطبعة بالكامل معها مثل مصر وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا وتقليص مسافة الرحلات الجوية بين إسرائيل والقارة الأميركية الجنوبية وخاصة البرازيل وهو الأمر الذي يستلزم استخدام المجال الجوي للسودان وتمنح إقامة علاقات ديبلوماسية معها أولوية متقدمة لاعتبارات أمنية متعلقة بوقف إمداد حماس في غزة بالسلاح. فقد ذكرت صحيفة معاريف في الأول من كانون الأوّل/ديسمبر أنّ إسرائيل تجري اتصالات إقليميّة معظمها سريّة مع السودان لتسويق تكنولوجيا التعقّب الأمني للعمل على وقف وصول الأسلحة إلى حماس في غزّة حيث يبدأ نقلها من ليبيا إلى السودان وصولاً إلى سيناء وغزة.

خلال الفترة الممتدة من 2008 حتى 2014 مثل السودان هاجساً أمنياً مقلقاً لإسرائيل بعد أن اتهمته بأنه قاعدة لعبور وتهريب الأسلحة الإيرانية إلى غزة مدعية أن مصدر هذا السلاح هو مصنع اليرموك للتصنيع العسكري الواقع جنوب العاصمة الخرطوم وأن خبراء إيرانيين ينتجون هناك الصواريخ قبل تهريبها لحماس.

وعلى إثر تلك الاتهامات قام سلاح الجو الإسرائيلي بعدة هجمات صاروخية استهدفت المصنع نفسه والعديد من القوافل وحتى المواطنين السودانيين المشتبه بضلوعهم في تسهيل عمليات تهريب أسلحة من إيران لغزة.

التحول في الموقف الإسرائيلي تجاه السودان ليس وليد الأنباء المتداولة اليوم بل جاء منذ قطع السودان علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في 4 كانون الثاني /يناير 2016 في ظل تغير محوري في سياسات السودان الخارجية الذي بدأ في أيلول /سبتمبر 2014 عندما قرر إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية بعد أكثر من عشرين عاماً على وجودها بدعوى نشرها المذهب الشيعي تلاه إعلان الرئيس السوداني عمر البشير انخراطَ الجيش السوداني في تحالف عاصفة الحزم في آذار/ مارس 2015 الذي أنشأته السعودية والإمارات وبناء على ذلك  طالب مسؤولون كبار في الخارجية الإسرائيلية الولايات المتحدة بتحسين علاقاتها مع السودان وضرورة مكافأتها على قطعها علاقاتها مع طهران وبالفعل أصدر الرئيس باراك أوباما آنذاك قراراً برفع العقوبات جزئيا ومؤقتاً قبل أن يقرر دونالد ترامب إلغاءها تماماً.

ونشرت صحيفة إسرائيل اليوم تقريرا مطولا عن الاجواء السياسية الجديدة في السودان أعدّه مراسل الصحيفة إلداد بيك الذي أجرى زيارة إلى الخرطوم نهاية 2017 وعاد بانطباع أن كلمة التطبيع لم تعد محظورة في السودان.

وعنونت الصحيفة المقربة من نتنياهو التقرير بـ “السودان يتغير.. مع إسرائيل وضد الإرهاب”. وكتب بيك في التقرير أنه دُهش لقراءة عنوان عريض يتحدث عن التطبيع مع إسرائيل في صحيفة الوطن السودانية ومنسوب للوزير في الحكومة السودانية صادق الهادي.

تصدرت العلاقات السودانية الإسرائيلية المشهد السياسي في السودان من جديد بقوة وعاد الجدل مرة أخرى حول اتجاه النظام في السودان نحو التطبيع مع إسرائيل خاصة بعد إعلان نتنياهو  في 11 كانون أول / ديسمبر 2018 أن شركات الطيران الإسرائيلية ستتمكن من التحليق فوق الأجواء السودانية في طريقها إلى أميركا الجنوبية وكانت مصادر سودانية مطلعة أكدت وجود تيارات داخل النظام السوداني والحكومة قد اقترحت في وقت سابق السماح للطيران الإسرائيلي بالعبور عبر الأجواء السودانية للاستفادة من الخطوة اقتصاديا باعتبار أنها ستسهم في المساعدة على اجتياز الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد لكنها تعد بمثابة الخطوة الأولى من قبل السودان للتطبيع مع إسرائيل.

في السودان يعيش أكثر من 60% من سكانها تحت خط الفقر ويبلغ فيها متوسط الراتب الشهري نحو 150 دولار لذا يعلّق السكان آمالهم على الانفتاح الأمريكي الأخير ويأملون باستقطاب الاستثمارات الأجنبية من أجل إقامة بنى تحتية وبناء اقتصاد متين وهذه واحدة من الأسباب وراء رغبة النظام في تجهيز الشعب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

Post Author: SafirAlChamal