الحكومة تتعثّر بين ″جموح″ باسيل و″غيبوبة″ الحريري… عبد الكافي الصمد

كشفت الأمتار الأخيرة، التي قيل إن الحكومة الجديدة تستعد لتجاوزها قبل ولادتها رسمياً، حجم وحقيقة العراقيل والتعقيدات التي ما تزال تمنع تشكيلها منذ تكليف الحريري تأليفها في 24 أيار الماضي، وأعادت الأمور إلى نقطة الصفر، وجعل موعد ولادة الحكومة في علم الغيب، في ضوء تعثر المساعي التي بذلت لحل العقدة السنّية، ومحاولات البعض ″خربطة″ الصيغ التي تم التوافق عليها من أجل حلّ العقدتين الدرزية والمسيحية.

وفي ضوء التطورات التي حفل بها الأسبوع الماضي بما يتعلق بتأليف الحكومة، يمكن التوقف عند ثلاث نقاط بارزة، هي:

أولاً: تجاوز اللقاء التشاوري للنوّاب السنّة الستّة المستقلين ″الفخّ″ الذي نُصب له بتسمية جواد عدرا ممثلاً له في الحكومة، بعد رفض الأخير وضع نفسه كناطق رسمي باسمهم وممثلاً حصرياً لهم داخل مجلس الوزراء، بعد ″مهلة ومهلتين وعدة مهل″ أعطيت له لمراجعة نفسه، ما دفع اللقاء التشاوري بعدما تجاوز ″صدمة″ عدرا إلى الإعلان على لسان النائب جهاد الصمد، بعد اجتماع له أول من أمس، ″سحب تسمية″ عدرا، بعد ظهور ″قطب مخفية″ جعلته يعيد ″الأمور إلى منطقها″.

فقد اتضح أن إسم عدرا الذي هبط على حين غفلة، يهدف إلى القوطبة على ″التشاوري″ وتفريغ جهودهم ونتائج الإنتخابات النيابية من مضمونها، بعدما أراد رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل أخذ تعهد من عدرا يقضي بضمه إلى الكتلة الوزارية للتيار البرتقالي الذي حاول تسويق تفسيره للتسوية التي حصلت مع اللقاء التشاوري، وهي أن يسمي اللقاء وزيراً من قبله على أن يكون من حصّة رئيس الجمهورية ميشال عون، ما يعني أن تنازل الأخير عن الوزير السنّي السادس لحل العقدة السنّية كان شكلياً، وهو تفسير لتسوية يستحيل أن يقبل بها أي طرف، ما دفع اللقاء إلى اشتراط أن يكون ممثله من ″خطّه السياسي″.

ثانياً: بعد مٌضي أكثر من شهر ونصف على توقف مساعي تأليف الحكومة عند العقدة السنّية، تبين أن هناك شياطين أخرى تعرقل مساعي التأليف كشفتها الأيام الأخيرة، إذ ظهر أن باسيل يملك جموحاً كبيراً لوضع يده على الحكومة من أجل تحقيق هدفه البعيد بالوصول إلى رئاسة الجمهورية، ليس عبر حصوله على 11 وزيراً (أي الثلث المعطل أو الضامن) هم من حصّة رئيس الجمهورية وحصّة التيار البرتقالي، وهو ما ظهر بمحاولته إستدراج عدرا إلى صفوفه؛ بل في مسعاه إلى إعادة توزيع الحقائب على الكتل السياسية الرئيسية، بتنازله عن حقائب ليست ″دسمة″ مالياً وخدماتياً برأيه، مثل وزارتي الإعلام والمهجّرين، وتطلعّه نحو الحصول على وزارات بديلة كالصناعة أو الزراعة أو البيئة أو الثقافة، وحتى وزارة الأشغال ونزعها من خصمه تيّار المردة، إنْ استطاع، ونقضه إتفاق توزيع الحقائب مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، ما خلط الأوراق مجدّداً وأعاد عقارب التأليف إلى المربع الأول.

ثالثاً: وسط هذه المعمعة كان سؤال محوري يدور حول: أين هو رئيس الحكومة المُكلّف ممّا يجري؟، ولماذا يكتفي بالوقوف موقف المتفرّج وهو المعني الأول بمسألة تشكيل الحكومة، تاركاً أمر التأليف لسواه، من رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، إلى حزب الله وحركة أمل، مروراً بالقوات اللبنانية وصولًا إلى الحزب التقدمي الإشتراكي؟، وما سرّ هذه ″الغيبوبة″ السياسية التي تسيطر عليه والتنازلات التي يقدّمها ولو على حساب موقع رئاسة الحكومة؛ فهو عدا عن أنه اصبح أشبه بـ”ناطق رسمي” باسم الحكومة ينتظر توافق الإطراف للإعلان عنها والتوقيع عليها، فإنه كان لا يتردّد عن مسايرة أغلب الأطراف والنزول عند رغباتهم ومطالبهم، من غير أن يخبط رجله في الأرض ولو لمرّة واحدة إلا أمام النوّاب السنّة من طائفته، فارضاً عليهم كل أنواع الحصار والإقصاء والإلغاء والشروط التي كان يفترض أن يفرضها على خصومه، لكنه لم يفعل.


مواضيع ذات صلة:

  1. سجال كرامي ـ المستقبل.. يُجهض مساعي حلّ العقدة السنّية… عبد الكافي الصمد

  2. عقدة باسيل تؤخّر تأليف الحكومة: 11 وزيراً؟… عبد الكافي الصمد

  3. مئتا يوم على تكليف الحريري: أفقُ مسدود… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal