إبراهيم ينجح بحلّ العقدة السنّية فهل تولد الحكومة؟… عبد الكافي الصمد

″أصبحنا في الأقل من ربع الساعة الأخير″. كانت هذه العبارة التي قالها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، أمس، بعد لقائه نواب اللقاء التشاوري، كافية للدلالة على نجاحه في المهمة التي أوكلت إليه، وهي حلّ العقدة السنّية، ما سيمهد الطريق أمام ولادة الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، وأن يُشكل تأليفها ″هدية″ الأعياد للبنانيين، إلا إذا طرأت عقد أخرى قد تعيد الأمور إلى نقطة البداية.

فتح كوة في باب حلّ العقدة السنّية، بعدما حلت العقدتين الدرزية والمسيحية، ونجاح مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون التي قادها ابراهيم، ستمهد الطريق أمام خروج الدخان الأبيض من قصر بعبدا إيذاناً بولادة الحكومة قريباً، وكتابة النهاية السعيدة لمسلسل تأليف الحكومة الذي امتد أكثر من 200 يوم، منذ تاريخ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي.

نجاح ابراهيم في وساطته أعلنه بعد لقائه نواب اللقاء التشاوري في منزل النائب عبد الرحيم مراد في بيروت، حيث زفّ إلى اللبنانيين الخبر الذي انتظروه طويلاً، فأشار إلى أن مبادرته تكللت بالنجاح، مضيفاً: أستطيع أن أطمئنكم أن الأمور تسير على قدم وساق، وبإذن الله إذا بقيت الأمور هكذا دون عراقيل، وأنا لا أتوقع أي عراقيل، فالحكومة ستبصر النور قريباً.

حلّ العقدة السنّية خلُص إلى نقاط كثيرة، أبرزها التالية:

أولاً: حقق اللقاء التشاوري مراده والهدف الذي سعى إليه منذ البداية، نتيجة تمسكه بمطلبه بكل السبل، وهو تمثله في حكومة الوحدة الوطنية، باعتباره حقاً طبيعياً له إنطلاقاً من نتائج الإنتخابات التي أسفرت عن كسر آحادية تمثيل تيار المستقبل للطائفة السنّية نيابياً، ومتابعة ترجمة هذا الإنجاز بكسر آحادية تمثيل تيار المستقبل للطائفة حكومياً.

ومع أن التسوية قضت بأن يتمثل اللقاء بشخصية من خارجه، فإن إصرار نواب اللقاء على تسمية من يمثلهم وعدم وضع فيتو عليه، وأن لا يكون من حصّة أي تكتل سواهم، أي من سنّة 8 آذار حصراً، يعتبر نصراً كبيراً لهم، لأن تمثلهم بالحكومة يعني بالدرجة الأولى إعترافاً بهم وبحيثيتهم السياسية والشعبية التي أصبح من غير الممكن تجاوزها.

ثانياً: سيعتبر الحريري أنه حقق نصراً معنوياً على نواب اللقاء، بعد رفضه مشاركة أحدهم في الحكومة المقبلة، لكنه تراجع عن تسميتهم من ينوب عنهم بعدما كان يعتبر أن تمثلهم بحكومته، سواء من حصّته أو حصّة أحد سواه، إنتحاراً سياسياً له. وفي هذا المجال يمكن تسجيل خسارة مزدوجة للحريري: الأولى مشاركة معارضيه السنّة له داخل الحكومة للمرة الأولى منذ عام 2005، إذ سيتمثل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة، إلى جانب ممثل عن الرئيس نجيب ميقاتي، ما يعني أن ثلث حصّة السنّة داخل الحكومة لن تكون زرقاء.

ثالثاً: برغم أن هذه المبادرة ـ التسوية قد تبناها رئيس الجمهورية ميشال عون، حرصاً على ولادة الحكومة التي يعتبر تأخرها كل يوم نكسة لعهده، فإن عدم تمكّن رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجية جبران باسيل من الحصول على الثلث الضامن أو المعطل في الحكومة، أي 11 وزيراً، يعتبر إنجازاً لنواب اللقاء التشاوري سيسجله التاريخ لهم، بعدما حالوا دون وضع باسيل يده على السلطة التنفيذية وتحكمه بها، في ظلّ التراخي الذي يبديه الحريري، وتقديمه تنازلات بالجملة والمفرق أضعفت موقع رئاسة الحكومة والطائفة السنّية في السلطة.

رابعاً: بقيت قطبة مخفية قد لا تجعل نجاح مبادرة ابراهيم كافية لولادة الحكومة، بعدما أعلن أنه “إذا بقيت الأمور هكذا دون عراقيل، فالحكومة سترى النور قريباً”، ما طرح أسئلة عديدة حول العراقيل المضمرة التي قصدها والتي ستحول دون تأليف الحكومة، في ظل معلومات تشير إلى أن هناك توجّهاً لإعادة النظر بتوزيع الحقائب بين المسيحيين، والذي سيكون على حساب القوات اللبنانية تحديداً، فماذا ستحمل الأيام المقبلة من مفاجآت غير منتظرة؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. الحكومة والعقدة السنّية: تأزيم وتصعيد وأفقٌ مسدود… عبد الكافي الصمد

  2. لماذا يريد جبران باسيل إمتلاك الثلث المعطل؟… عبد الكافي الصمد

  3. وساطة باسيل لحلّ العقدة السنّية: الدخان الأبيض لم يخرج… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal