لماذا السترات الصفراء في لبنان…مشلولة؟… مرسال الترس

بإجماع مختلف المراقبين والمتابعين أن حركة “السترات الصفراء” في فرنسا قد حققت العديد من أهدافها المتعلقة بالمطالب الاجتماعية، بالرغم من ارتكابها أخطاء شبه مميتة عندما تم استغلالها من قبل أيادٍ مشبوهة جرّتها الى استخدام التخريب المتعمد.

والسؤال الذي يطرحه المراقبون هو لماذا تفشل أية “سترات صفراء” في لبنان في تحقيق ما تصبو اليه بالرغم من الوضع المزري جداً الذي يعيشه اللبنانيون إذا ما قورن بما يحصل عليه المواطن الفرنسي تحديداً أو الاوروبي بشكل عام؟

وهنا يعود المراقبون الى الاجماع على التالي:

أولا: إن الحركات المطلبية في لبنان، لاسيما المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والمعيشية، ما إن تنطلق حتى “تتطيف وتتمذهب” الأمر الذي يجهضها في مهدها، بغض النظر عن مشروعيتها وأحقيتها، وتحديداً بعد اتفاق الطائف إثر شلّ قدرات الاتحاد العمالي العام وما يتصل به أو يتفرع عنه.

ثانيا: الطفرة والتعدد في التسميات التي يُطلقها الناشطون في المجتمع المدني على مجموعاتهم، والتي شهد اللبنانيون نماذج منها قبل سنتين، أسقطت فعاليتها في تحقيق نتائج ملموسة من أي تحرك تقوم به، ففي حين أن الشعارات متشابهة جداً وبالتالي فان امكانية دمجها سهلة جداً. فإن أفضل المجموعات لا تضم سوى عشرات محدودة من المؤيدين، الامر الذي يُؤكد أن الأيدي المحلية والخارجية التي تحركها وتهدف الى استغلالها متعددة وأهدافها متناقضة، والاّ كان أُتيح لها التحرك مجتمعة فتشكل قوة ضاغطة يحسب لها المسؤولون ألف حساب.

ثالثا: الوجوه التي وصلت الى المجلس النيابي باسم المجتمع المدني لم تستطع حتى الآن اختراق اياً من “التابوهات” المرسومة من قبل الذين يتحكمون بالحركة السياسية في لبنان، وبالتالي فتلك الوجوه ما زالت تدور في حلقاتها المفرغة وإن مسألة سقوطها في المحظور بات مسألة وقت، خصوصاً أن ما سمعه اللبنانيون وشاهدوه عن ادائها لا يبشر كثيراً بتوقع المعجزات.

تسببت حركة السترات الصفراء في فرنسا منذ اسابيع حتى الان بخسائر اقتصادية ومالية بمليارات الدولارات للقطاعين العام والخاص، وضربت الموسم السياحي وموسم الاعياد في باريس بشكل خاص، وكل ذلك لا يقاس بما قام به السياسيون اللبنانيون منذ ثلاثة عقود لجهة الدين الذي أغرقوا به البلاد وشل قدراتها الاقتصادية والمالية الى حدود غير مسبوقة، حتى في بلدان العالم الرابع اذا كان موجوداً، بحيث بات لبنان يحتل المركز الثالث بين الدول الأكثر مديونية في العالم. وبالتالي فان ما ستقوم به أية “حركة سترات” مهما كان لونها فانها ستزيد طين الدين بلّة فقط، لانها ستصطدم بالفساد المستشري والجوع المزمن لدى من ينهبون المال العام. الاّ اذا جاء تحركها موحداً وجاداً. وهذا حلم اللبنانيين في جنة الفاسدين!..


مواضيع ذات صلة:

  1. عندما يتصرف النواب والسياسيون خارج المألوف الاجتماعي… مرسال الترس

  2. هل ستُفتح ابواب جهنم في لبنان؟… مرسال الترس

  3. هل سيتعظون من فتوى بري؟… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal