هل يُنتج ″العصف الفكري″ إنفراجا حكوميا؟… غسان ريفي

لم يعد هناك مجال لمزيد من الدلع السياسي أو التعطيل الحكومي، التهديدات الاسرائيلية ترخي بمخاطرها على البلد برمته، والوضع الاقتصادي على وشك الانهيار، والقمة العربية الاقتصادية على الأبواب، ومقررات مؤتمر ″سيدر″ في مهب الريح بعد السمعة اللبنانية السيئة التي وصلت الى الدول المعنية بتقديم القروض، والوضع الأمني على حد الانفجار، وكل ذلك يتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية متجانسة متآلفة اليوم قبل الغد، تكون قادرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

يبدو أن لعبة عض الأصابع التي بدأت قبل فترة، باتت موجعة للجميع، لذلك لم يعد هناك من خيار أمام رئيس الجمهورية سوى تلقف كرة النار، والابتعاد عن أي خيار سلبي يمكن أن يضاعف من التوترات السياسية ويحرك الشارع، فإختار أن يطوي صفحة ″الرسالة البرلمانية″ للبحث في التعثر الحكومي، وأن يفتح صفحة حوار جدي بناء تلقفه الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري، وكذلك حزب الله من خلال وفد الصف الأول الذي زار قصر بعبدا وعقد لقاء مع الرئيس عون أشارت كل المصادر المطلعة الى أنه كان إيجابيا جدا.

تشير المعطيات الى أن الرئيس عون بات على قناعة بأن الحل الوحيد لحل العقدة الحكومية هو تسمية وزير سني لقوى 8 آذار من حصته، ما دفعه الى الاستعانة بحليفه الاستراتيجي حزب الله لمساعدته على إنضاج هذا الحل، والتأكد أن لا شيء يمكن أن يعيق ولادة الحكومة بعد إنتهاء العقدة السنية، خصوصا أن البلاد لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الفراغ الحكومي. تؤكد المعلومات أن المشاورات الجارية تبحث في في أكثر من خيار ضمن حصة الرئيس، الأول تسمية وزير من النواب السنة الستة، والثاني تسمية وزير يشكل تقاطعا بين الرئيس عون وحزب الله ويرضى عنه اللقاء التشاوري للنواب السنة، والثالث تسمية وزير يختاره اللقاء التشاوري ويكون ممثلا عنه في الحكومة.

وتضيف المعلومات أن وفد حزب الله طلب من رئيس الجمهورية الاعتراف باللقاء التشاوري ومحاورته من قبل المعنيين، وقد لبى الرئيس عون هذا الطلب سريعا بتحديد موعد للنواب السنة عند الرابعة من بعد ظهر اليوم الأربعاء في قصر بعبدا، لاستكمال التشاور معهم بعد اللقاء الايجابي الذي جمعهم مع رئيس الجمهورية قبل نحو شهر لكنه لم يسفر عن أية حلول.

تقول مصادر سياسية مطلعة، أن المشاورات الرئاسية تعتبر بمثابة الخرطوشة الأخيرة فإما أن تصيب الهدف، وإما أن تخيّب الآمال مجددا، وتدخل البلاد في النفق المظلم الذي لا يعلم أحد نهايته، لافتة الانتباه الى أن الأمر يتطلب تنازلات من الجميع بدءا من رئيس الجمهورية الذي سيتخلى عن وزير من حصته، مرورا بالنواب السنة الذين من المفترض أن يكونوا أكثر مرونة للوصول الى التسوية المطلوبة، وصولا الى الرئيس سعد الحريري الذي نأى بنفسه وآثر مغادرة البلاد الى بريطانيا للمشاركة في مؤتمر الاستثمار، لكن ملائكة رئيس الجمهورية لاحقته الى هناك عبر الوزير جبران باسيل الذي من المفترض أن تتزامن مشاورات بعبدا مع مشاورات مماثلة بين الحريري وباسيل الذي يعوّل كثيرون على إقناعه في التخلي عن الثلث المعطل..

كل الأنظار تتجه بعد ظهر اليوم الى قصر بعبدا، حيث من المفترض أن يستقبل رئيس الجمهورية النواب السنة ككتلة نيابية، وليس كمجموعة كما سبق ووصفهم، وربما تكون ملائكة حزب الله حاضرة في اللقاء، فهل ينتج العصف الفكري إنفراجا حكوميا، يعيد الرئيس المكلف سعد الحريري على جناح السرعة للاشراف على الدخان الأبيض قبل تصاعده من القصر الجمهوري، أم أن العام الجديد سيحل من دون حكومة، وسيحمل معه مزيدا من الصعوبات والتوترات على كل صعيد..


مواضيع ذات صلة:

  1. الحكومة مؤجلة.. هل يؤدي تسخين الشارع الى تنازلات؟… غسان ريفي

  2. الطريق بين قصر بعبدا وبيت الوسط غير سالكة… غسان ريفي

  3. ما هي تداعيات كلام وهاب عن المشنوق لدى الحريري والمستقبل؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal