الحكومة رهن تضحية رئيس الجمهورية… غسان ريفي

ما بين تداعيات حادثة الجاهلية، والتهديدات الاسرائلية الجدية، يحبس اللبنانيون أنفاسهم، خوفا من إهتزاز الوضع الأمني داخليا، أو عبر عدوان جديد، في وقت ما تزال فيه الأطراف السياسية عاجزة عن إيجاد حل لأزمة الحكومة التي بات أمر تشكيلها أكثر من ضروري، نظرا للمخاطر الكبيرة التي تحدق بالبلاد أمنيا وإقتصاديا وإجتماعيا..

حتى الآن، الكل ثابت على مواقفه، رئيس الجمهورية ينأى بنفسه عن العقدة السنية، ورئيس الحكومة المكلف يصر على أن الكرة ليست في ملعبه، علما أن ما صدر عن بعض نواب اللقاء التشاوري من دارة وئام وهاب يجعله أكثر تشددا في عدم إستقباله لهم أو الاعتراف بتكتلهم السياسي، وحزب الله يتمسك بتمثيل نواب سنة 8 آذار أو من يرضون عنه، أما الوزير جبران باسيل فيستمر في تقديم المقترحات التي من شأنها أن تحافظ على الثلث المعطل (11 وزيرا) داخل الحكومة لتياره بالتضامن والتكافل مع رئيس الجمهورية.

ربما ساهمت أحداث الجاهلية والتهديدات الاسرائيلية في إعطاء دفع قوي لحركة الاتصالات والمشاورات خصوصا أن البلد بات مكشوفا من دون حكومة فاعلة وقادرة على إتخاذ القرارات في مواجهة التوترات الداخلية والخارجية، لكن حتى الآن لا يوجد أي بصيص أمل في أن تبصر الحكومة النور قريبا بالرغم من الاقتراحات المطروحة والتي يبدو أنها لم تلق التجاوب المطلوب.

يشير مطلعون الى أن كل القيادات السياسية باتت على قناعة بأن الحل الوحيد للأزمة الحكومية موجود بين يدي رئيس الجمهورية ميشال عون لجهة تخليه عن المقعد السني من حصته لمصلحة اللقاء التشاوري، وهو بذلك يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، حيث يقدم نفسه على أنه صمام الأمان و″بيّ الكل″ الذي يضحي من أجل البلد، ثم يؤمن إنطلاقة عهده الذي يدخل شهره السابع في تصريف الأعمال، وكذلك يرد جميل حزب الله الذي عطل رئاسة الجمهورية لسنتين ونيف من أجل إنتخابه، بتمثيل حلفائه السنة، ويحفظ ماء وجه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي لم يعد يحتمل مزيدا من التنازلات، خصوصا بعد الاساءات التي تعرض لها قبل وفي أعقاب وبعد أحداث الجاهلية.

ويلفت هؤلاء الانتباه الى أن الرئيس عون سيجد نفسه عاجلا أم آجلا مضطرا للقبول بخيار التنازل، خصوصا في ظل محاولة البعض الاستفادة من أحداث الجاهلية لاعادة البحث في التركيبة الحكومية، لا سيما فيما يتعلق بالحصة الدرزية، حيث أعلن الوزير السابق وئام وهاب أن المعادلة تغيرت بعد ما شهده محيط منزله وإستشهاد مرافقه، مطالبا بأن يكون المقعد الدرزي الثالث من حصة النائب طلال أرسلان الذي سارع الى إعلان إلتزامه بالاتفاق الذي رعاه رئيس الجمهورية، قاطعا بذلك الطريق على وهاب الذي يبدو أن جرعة الدعم التي حصل عليها من قبل الحلفاء بعد حادثة الجاهلية أصابته بـ″جنون العظمة″ الى درجة تحديد مواصفات رئيس الحكومة والتأكيد أن سعد الحريري لم يعد مطابقا لهذه المواصفات.

تكشف مصادر سياسية أن رئيس الجمهورية قد يفعلها ويتنازل عن حصته، وأن ثمة همس في هذا الموضوع في دوائر قصر بعبدا، لكن شرط الرئيس عون (بحسب المصادر) هو أن تتألف الحكومة بعد ساعات قليلة على إعلان إعطاء المقعد السني من حصته الى اللقاء التشاوري، تلافيا لحصول أي تعطيل جديد.

أمام هذا الواقع سارع الوزير جبران باسيل الى إعادة طرح صيغة الـ 32 وزيرا كخرطوشة أخيرة لضمان حصول تياره على ″الثلث المعطل″ الذي يبدو أنه يتمسك به الى أبعد الحدود، وبالرغم من تأكيد الرئيس نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي أن هذا الطرح قابل للمناقشة، إلا أن بعض المصادر تؤكد أن ما يطلبه باسيل صعب المنال، خصوصا أنه قد يفتح الباب أمام تسمية وزير ملك أو أكثر، في وقت تصر فيه كل الأطراف على عدم حصول أي طرف سياسي على الثلث المعطل، وتتطلع الى تضحية من رئيس الجمهورية، وإلا فإن الحكومة ستبقى عصية على التشكيل الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا..


Post Author: SafirAlChamal