قمّة بيروت الإقتصادية: أين مصلحة لبنان بتجاهل باسيل لسوريا؟… عبد الكافي الصمد

لا يكاد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في الآونة الأخيرة، يطير من بلد عربي حتى يحطّ في بلد عربي آخر، واصلاً الليل بالنهار من أجل دعوة الدول العربية للمشاركة في القمة الإقتصادية العربية التي ستعقد في بيروت في 19 و20 من شهر كانون الثاني المقبل.

ومع أن جدول باسيل يتضمن زيارة جميع الدول العربية المنتمية إلى جامعة الدول العربية، ودعوتها لحضور القمة، إلا أنه ما يزال حتى الآن مستثنياً سوريا من برنامج جولته، لأسباب ومبرّرات مختلفة، لم يعلنها باسيل بشكل واضح حتى الآن، ولكنها تشير وفق معلومات إلى أن وزير الخارجية لن يزور دمشق ويدعو حكومتها للمشاركة في القمة، لسببين: الأول إلتزاماً من لبنان بقرار جامعة الدول العربية القاضي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة؛ والثاني الضغوط التي تمارس على باسيل من قبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ومن ورائه السعودية، لاستبعاد سوريا عن القمة في حال قرر لبنان كسر قرار الجامعة العربية.

لكن جملة نقاط يجدر التوقف عندها في هذا السياق، أبرزها:

أولاً: يعاني لبنان منذ بدء الأحداث في سوريا، وبسبب إغلاق الحدود بين سوريا وجوارها، ونزوح قرابة مليوني شخص سوري إلى لبنان، من أزمات إقتصادية ومعيشية وإجتماعية في غاية التعقيد، وهو يدرك أن حلّ هذه الأزمات مفتاحها بيد سوريا تحديداً، سواء لجهة تسهيل إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، أو عبور البضائع والسلع اللبنانية الأراضي السورية وصولاً إلى دول الخليج والعراق، أو فتح المجال أمام الشركات والأيدي العاملة اللبنانية لكي تساهم في ورشة إعادة إعمار سوريا المرتقبة، وبالتالي فإن عدم دعوة سوريا إلى القمة يعني بكل بساطة أن الحكومة اللبنانية لا تريد حلّ هذه الأزمات، وأنها ستفوّت على نفسها فرصة نادرة للتخلص سريعاً وبأقل الأضرار من هذه الأزمات.

ثانياً: باسيل الذي أمضى اليومين الماضيين في العراق ووجه دعوة للحكومة العراقية لحضور قمة بيروت، أعرب بعد لقائه نظيره العراقي محمد علي الحكيم عن ″أمل كبير بنتائج الزيارة″، موضحاً أن رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي ″إقترح عقد اجتماع لبناني – عراقي – أردني، لدرس إقامة سوق اقتصادية مشتركة”، مضيفاً أنه ″تم البحث في إعادة تصدير النفط العراقي عبر لبنان، وتبادل نقل الغاز، وبناء سكة حديد وحوض خاص للعراق مخصص لتجارة الترانزيت″، كما أن باسيل وعد نظرائه العراقيين أنه ″بعد تشكيل الحكومة فإن لبنان سيتعامل مع العراقيين بمساواتهم مع الوافدين من دول مجلس التعاون الخليجي، أي بوقف المطالبة بالحجز المسبق وبمبلغ الألفي دولار″.

كلام باسيل جعل مجموعة كبيرة من الأسئلة تقفز إلى الواجهة مباشرة، أبرزها: كيف يمكن لباسيل إيصال ومد أنابيب النفط والغاز من العراق إلى لبنان دون مرورها بسوريا، وكيف ستمر هذه الأنابيب في سوريا إذا كان باسيل والحكومة اللبنانية يقاطعان الحكومة السورية؟ والأمر نفسه يسري على مشروع سكة الحديد، وكذلك السوق الإقتصادية المشتركة التي اقترح أن تضم لبنان والعراق والأردن فقط، واستثناء سوريا منها.

أكثر من ذلك، فإن وعد باسيل بإعفاء العراقيين من شروط الدخول إلى لبنان، المعمول بها حالياً، ومساواتهم بالخليجيين، يطرح تساؤلاً: ألا يجدر أن يكون هذا الإجراء سارياً أيضاً على السوريين، أقله من مبدأ المعاملة بالمثل، وإذا كانت الحجّة وراء فرض شروط على السوريين واستثناء العراقيين منها هو بسبب الخوف من تدفق نازحين سوريين جدد إلى لبنان، فما الذي سيمنع تدفق مئات آلاف العراقيين للبنان لاحقاً، وكيف سيحل لبنان أزمة النازحين السوريين ويحصل على جزء من كعكعة إعادة إعمار سوريا إذا كان يتعامل مع حكومة دمشق بهذه العقلية، وكيف يمكن للمشاريع الإقتصادية الضخمة والمعول عليها بين لبنان والعراق أن ترى النور بلا موافقة سوريا عليها، وهل التعاطي مع الحكومة السورية على هذا النحو يحقق الأهداف اللبنانية المرجوة؟.


Post Author: SafirAlChamal