طرابلس تكفر بالدولة… عمر ابراهيم

لا يختلف الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي في طرابلس عن سائر المدن اللبنانية من ناحية الشكل، الا ان المدينة المتخمة بجحافل الفقراء من ابنائها والوافدين اليها بإعداد كبيرة من الارياف ومن النازحين السورييين تكاد تعيش على شفير انفجار اجتماعي لا يحمد عقباه.

ربما ما يميز طرابلس عن بقية المدن التي تعاني تداعيات الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، ان ازماتها مزمنة وليست وليدة مرحلة ظرفية، فهي تعاني الامرين منذ عقود بفعل سياسات الحرمان والاهمال المتبعة من قبل الحكومات وتضاعفت خلال السنوات الماضية بفعل جولات العنف المصطنعة من بعض التيارات السياسية، وأدت الى خسائر كبيرة طالت القطاع الخاص الذي بدأت انعكاساته اليوم تظهر على شكل اقفال مؤسسات تجارية وصرف عمال وموظفين بالكاد كانوا وجدوا فرصة عمل تقيهم ذل السؤال .

لا يجتمع اثنان في طرابلس الا ويكون حديث الوضع الاقتصادي وتردي المعيشة ثالثهما، خصوصا في ظل توالي الأخبار عن اقفال المؤسسات التجارية الكبيرة منها والصغيرة، داخل مدينة تفتقد الى المصانع والمعامل والشركات الضخمة ويعيش قسم من قاطنيها على مدخول مالي لا يتحاوز الـ 10 الاف ليرة للفرد الواحد، وهي نالت مؤخرا اهتمام المنظمات الدولية التي صنفتها على انها من بين افقر المدن على ساحل البحر المتوسط، وهي بحسب مراقبين تخضع الى ما يشبه العقاب من قبل الحكومة أو الدولة عموما، حيث تغيب عنها المشاريع الإنمائية وفي حال حضرت فاتها التنفيذ بطريقة سيئة ولا تنتهي الا بطلوع روح الطرابلسيين نتيجة البطولة في الاعمال، خصوصا مشاريع مجلس الانماء والإعمار .

لكن هموم ابناء طرابلس المعيشية وخوفهم من تفاقم الوضع في ظل الازمة السياسية التي يعيشها لبنان، يترافق مع مخاوف اخرى من ان ينعكس الوضع المتردي على استقرار المدينة لجهة ازدياد عمليات السرقة أو إرتفاع منسوب تعاطي المخدرات بسبب حالات اليأس المسيطرة على الشباب على وجه الخصوص .

هذه المخاوف أضيفت اليها مخاوف اخرى في الايام الماضية بعد تفاقم الخلاف بين تيار المستقبل والوزير السابق وئام وهاب، وما تردد عن توترات أمنية قد يشهدها لبنان على خلفية هذا الخلاف، وهو ما جعل ابناء المدينة يحبسون انفاسهم خوفا من استغلال مدينتهم مجددا خوفا من تحويلها الى صندوق بريد امني جديد، ولعل عدم إنجرار أبناء المدينة الى المشاركة في التحركات التي نظمها البعض مؤخرا، يؤكد أن المدينة كفرت بالتحركات والتيارات السياسية وأجنداتها، وكفرت بالدولة..


Post Author: SafirAlChamal