الأحباش يطلّون في الضنّية: دلائل ومؤشرات… عبد الكافي الصمد

أكثر من رسالة بعثها القائمون على جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش) في الشمال، من خلال الحفل الذي أقاموه بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف في الضنية، مساء يوم السبت الماضي، وأعطى مؤشراً عن تطوّر في الحراك السياسي بدأت المنطقة تشهده في السنوات الأخيرة، تميّز بحيوية وانفتاح لافتين، ويتوقع له أن يتفاعل أكثر في المرحلة المقبلة.

أبرز هذه الرسائل، هي:

أولاً: كان احتفال السبت الماضي الأول العلني الذي يقيمه الأحباش في الضنّية، وتميز بحضور لافت، بعدما كانت الإحتفالات الماضية تقام في المنازل ضمن حلقات ضيقة، وتقتصر على العناصر المشاريعية فقط، الذين كانوا يُحضّرون العام الماضي لإقامة هكذا احتفال، لكن ضغط الوقت عليهم دفعهم لتأجيله للعام الحالي.

ولعل ما دفع الأحباش في الضنية إلى دفع نشاطاتهم للعلن مرتبط بأمرين: الأول الحضور اللافت الذي أثبتوه في الإنتخابات النيابية الأخيرة في دائرة طرابلس والمنية ـ الضنية، حيث حصدوا أصواتاً تفضيلية لافتة جعلهم يتقدمون مجموع أصوات حركات وأحزاب الإسلام السياسي مجتمعة، ما أعطاهم دفعاً معنوياً كبيراً؛ والثاني أن حدّة ″العداء″ والخصومة السياسية تجاه الأحباش، من قبل خصومهم على الساحة الإسلامية أو تيار المستقبل، قد تراجعت حدّتها كثيراً في الآونة الأخيرة.

ثانياً: دخول الأحباش إلى العمل السياسي العلني في الضنية، كان سبقه في السنوات دخول أحزاب أخرى علناً للمرة الأولى، كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب وتيار العزم، من خلال افتتاح مكاتب حزبية أو تعيين منسقين لهم في المنطقة. وهؤلاء يضافون إلى حضور كبير لتيارات وأحزاب أخرى سبقتهم بسنوات، وأكدوا حضورهم الراسخ سياسياً وشعبياً في الضنية من أبرزهم زعامة آل كرامي التاريخية والجماعة الإسلامية وتيار المستقبل وتيار المردة، ثم تبعهم لاحقاً التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الإجتماعي، كل ذلك أعطى إنطباعاً عن حيوية سياسية لافتة في الضنية، بمعزل عن أحجام كل قوة سياسية وحضورها، بعيداً عن القوى السياسية العائلية ذات الحضور الراسخ في الضنية، والدلالة على ذلك أنه سبق إحتفال الأحباش بساعات لقاء سياسي ـ تنموي مع وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، في بلدة كفرشلان، في حضور بدا الأبرز للتيار البرتقالي منذ دخوله حزبياً إلى الضنية.

ثالثاً: ممّا لا شك فيه أن الحضور المستجد للأحباش في الضنية، علناً، وغيرها من بقية القوى السياسية، سيدفع الزعامات العائلية والأحزاب التاريخية التقليدية بالمنطقة، وعلى رأسها تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، إلى مراجعة حساباتها وإجراء قراءة نقدية لتجربتها، بعدما مدّ آخرون أيديهم ونفوذهم إلى الصحن السياسي والإنتخابي في الضنية.

رابعاً: ركّز مسؤول جمعية المشاريع في الشمال طه ناجي، في كلمة ألقاها بالمناسبة، على تأكيد العقيدة الدينية للأحباش، لنفي كل التهم التي سيقت ضدهم في السنوات الماضية، وإظهار أنهم ″لم نبتدع ديناً جديداً، ولم نأت بنهج جديد″، موضحاً أن منهج جمعية المشاريع ″كتاب الله وسنة نبيه″، و″لا نقول في الدين رأينا، بل نتبع الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام″، في خطاب يبدو تصالحياً وانفتاحياً على القوى الإسلامية الاخرى التي يفترض أن تقابل سياسة مدّ اليد بالمثل، على قاعدة إحترام الآخر، مع تأكيده أن ″المشاريع تنبذ التطرف والتعصب الأعمى الذي خرّب أوطاننا ودمّر مجتمعاتنا، ونحن في المشاريع لم ننفق أوقاتنا في الرد على ما أشيع علينا من مغرض أو حاسد، لأننا فهمنا أن الإعتدال والبناء هما نهج وممارسة، وليس كلاماً يطلق في الهواء بلا مضمون″.

خامسا: لم يمرّ احتفال الأحباش من دون تطرّق ناجي إلى الإنتخابات النيابية الأخيرة، حيث ينتظر مرشح المشاريع نتيجة الطعن الذي تقدم به لدى المجلس الدستوري لإعادة إحتساب أصوات صناديق الإقتراع في دائرة الشمال الثانية، معتبراً أن القانون الإنتخابي الجديد القائم على النسبية والصوت التفضيلي ″كشف الأحجام والأوزان، وأظهر قوة الجمعية في مجتمعها وبيئتها″، لافتاً إلى أنه ″نحن بانتظار قرار منصف من المجلس الدستوري يعيد المقعد الثالث للائحة الكرامة الوطنية، فيكون لقاؤنا المقبل بإذن الله تحت عنوان التهنئة″.


Post Author: SafirAlChamal