أيها اللبنانيون.. صحتكم بأيدي تجار الأدوية… إسراء ديب

انشغل الرأي العام اللبنانيّ في الآونة الأخيرة، بقضية الأدوية وأسعارها التي أصبحت من أبرز الملفات التي تُقلق المواطن الذي بات يشتكي من ارتفاع أسعار الأدوية وانقطاع  بعضها الآخر عن الصيدليات.

وإذا كانت قضية رفع أو خفض سعر الدّواء قضية أساسية، فإنّ صحّة وجودة الأدوية التي تدخل إلى أجسام اللبنانيين لا يُمكن تجاهلها لا سيما في ظلّ الحديث عن وجود أدوية مهرّبة أو مزوّرة في الصيدليات اللبنانية، وفي ظلّ غياب الرّقابة المسؤولة على نوعية الأدوية التي تدخل إلى لبنان برًا، بحرًا وجوًا، تُلقى المسؤولية على عاتق المواطن الذي عليه أنْ يتحمّل تداعيات الفساد، وبالتالي لا بدّ له من التساؤل بإدراك تام للتمييز بين الأدوية الأصلية بتركيبتها وصناعتها، والأدوية المشابهة (الجينيريك) للأصلية التي يشتريها بسعر أقلّ من الأصلية التي تُعد أفضل من جهة النّوعية والتصنيع.

يُمكن القول، إنّ أيّ مواطن قادر عند شرائه الدوّاء، أن يسأل عن الأصلي بدل المشابه له، إلا أنّ الخوف الأكبر يكمن في عملية نقل هذا الدواء، وكيفية وصوله إلى الصيدليات، فإنّ أيّ دواء لا بدّ من نقله بطريقة تبقي على جودته دون تعرّضه لأيّ عامل يُفسده أو يُؤدّي إلى إضعاف تركيبته العلاجية، من هنا يُؤكّد أحد الصيادلة لـ″ سفير الشمال″ أنّ الأدوية الأصلية تبقى أكثر أمانًا من تلك المقلّدة من جهة النّوعية، إذْ يكترثون بكلّ التفاصيل كدقّة التصنيع، التغليف، حال الطقس في البلد الذي تُرسل إليه حفاظًا على جودة الدّواء… ويسحبون الدّواء خلال 48 ساعة بحال وجود أيّ خلل من كلّ الدّول لا في دولة واحدة، ما يعني أنّ أيّ دواء لا يجد فعالية كبيرة لبنانيًا، سيُسحب من الأسواق″.

ويُشدّد الصيدلي على حتمية تسجيل أيّ شركة لدوائها في وزارة الصحة مع الأوراق والأبحاث المطلوبة، وفي اللحظة التي تُوافق الوزارة عليه يُمكن تسويقه وبيعه، ولكن قد تمرّ أدوية مع إغفال بعض النواقص فيها لمحسوبيات معيّنة، حتّى أنّ الأدوية التي تدخل إلى لبنان من إحدى مرافقه الحيوية كالمرفأ قد تمرّ دون رقابة لمحسوبيات معيّنة أيضًا.

وفي مقارنة بين الأدوية الأصلية والمُقلدّة، يقول الصيدلي ″إنّ أيّ دواء يمرّ بثلاث مراحل، مرحلة الأبحاث للوصول إلى تركيبته، فالأصلية تعتمد على تركيبة إمّا أن يتمّ اختراعها أو شرائها من المخترعين ما يحتاج إلى عشرات السنوات كحدّ أدنى للوصول إلى تركيبة نهائية للدواء، والمرحلة التصنيعية، والمرحلة التسويقية للإعلان عن الدواء، ولكن الفارق أنّ الشركات الأصلية تقوم بفحص الدواء قبل إدخاله إلى الأسواق وتجرّبه للحدّ من العوارض الجانبية أمّا الجينيريك فلا تفعل″.

وعن المسؤولية الملقاة على الصيدليات، يؤكّد الصيدلي وجود .زملاء غير ملمّين بالمهنة، ويعتبرونها مصدر عيش لهم، فلا يتعاملون معها بشفافية وضمير، بل يضعون على الأدوية السعر الذي يُريدونه، ويُروّجون للأدوية التي يُريدونها، مع العلم أنّ الأخلاقيات المهنية تحدّ من هذه التصرفات.

كما يرى الصيدلي أنّ المشكلة تكمن بشكلٍ أساسيّ في غياب قوانين صارمة تمنع التجاوز في هذه المهنة، ومن هذه التجاوزات دخول الأدوية المهربة، وكذلك غياب الرقابة على أسعار الدّواء، ″فعالميًا، يتمّ اختيار السعر محلّيًا بحسب السعر في البلد المُصنّع والدول المجاورة ليتمّ اختيار الأقلّ ثمنًا، فهل يتبع لبنان هذه السياسة؟″.

وعن احتمال  دخول أدوية مهرّبة من تُركيا مؤخرًا بسعر منخفض، ينفي الصيدلي ذلك، ويقول:″ لم يأخذ لبنان أدوية من تركيا بشكل تهريب إلّا في الحرب الأهلية خلال فترة الثمانينيات، واعتبروها غير جيّدة في فترة لم تكن الصناعة في تركيا متطوّرة كما هي اليوم… ولكن اليوم، باتت صناعاتها تُشابه صناعات الشركات الأوروبية المتطوّرة حتّى أنّ الشركات الأجنبية في العالم باتت تُصنّع في تركيا، لجودتها ورقابتها الشديدة″، مؤكّدًا أنّه منذ سنتين بات دخول الأدوية من تركيا إلى لبنان قانونيًّا، ولا يُمكن أن تدخل بالتهريب إلّا بمصادر ثلاث: الأوّل لبنانيّ يُسافر إلى تركيا فيعود بحقيبة من الأدوية قد يعتبرها البعض تهريبا، الثاني عدد من علب الدّواء توضع في شنطة اليدّ وهو أمر يُمكن غضّ النظر عنه، والثالث هو الأخطر الحاويات التي تدخل إلى المرافئ اللبنانية، فتدخل كمّيات هائلة من الدّواء لتوزيعها دون أيّ حسيب أو رقيب.


Post Author: SafirAlChamal