الحكومة والعقدة السنّية: تأزيم وتصعيد وأفقٌ مسدود… عبد الكافي الصمد

يوماً بعد آخر تذهب العقدة السنّية إلى مزيد من التأزيم، ويجعل ملف تأليف الحكومة مجمّداً حتى إشعار آخر، ويتضح أنها لا تقلّ تعقيداً عن العقدتين المسيحية والدرزية، وأن تجاهلها من قبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خلال الأشهر الأولى التي أعقبت تكليفه في 24 أيار الماضي، كان أشبه بدفن النعامة رأسها في الرمال.

فبعدما رفض الحريري إعطاء النوّاب السنّة الستّة المنضوين في اللقاء التشاوري حقيبة وزارية تمكّنهم من المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، بعد دعم من حلفائهم وعلى رأسهم حزب الله الذي اشترط مشاركتهم في الحكومة في موازاة مشاركته فيها، ورفضه أيضاً حتى استقبالهم في بيت الوسط، أو إعطاء موعد لهم برغم طلبهم ذلك ثلاث مرات، صعّد النواب السنّة الستّة موقفهم تجاه الحريري، في إشارة دلت الى أن عملية تأليف الحكومة لن تكون سهلة، وأنها لن ترى النور في المدى المنظور.

هذا التصعيد تمثل في إعلان نواب اللقاء، بعد اجتماعهم أول من أمس في منزل الرئيس عمر كرامي في بيروت، عن ″سحب التنازل الذي سبق وقدمه في عدم اشتراط حقيبة معينة للوزير الذي سيمثله في الحكومة″، لافتين إلى أنه ″نحن شأننا شأن غيرنا، ونصر على أن يتم إختيار الحقيبة الوزارية بالتشاور والتوافق معنا″، مجددين ″تأكيد المؤكد، وهو أن الحلّ يكون بتوزير أحد نواب اللقاء الستّة حصراً″.

ولم يتوقف تصعيد نواب اللقاء التشاوري عند هذا الحدّ، بل ذهب أبعد من ذلك، وأعطى إشارة عن أن مساعي الحل متعثرة، بعدما أعلن عضو اللقاء، النائب جهاد الصمد، قبل أيام، أنه ″نحن نطالب بمقعد واحد، وقد نطالب بأكثر من مقعد″، وموضحاً بما يتعلق بمسعى حلّ عقدة التمثيل السنّي على شاكلة حلّ العقدة الدرزية، بأن حلها ″جاء بعدما تنازل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عن مقعد من أصل ثلاثة، وهو أمر غير متوفر بالنسبة إلينا، ذلك أننا نطالب بمقعد واحد″.

هذا ″العناد″ من قبل الطرفين، قابلته حملة إنتقادات واسعة وُجّهت إلى نوّاب اللقاء التشاوري شهدتها وسائل الإعلام التابعة لتيار المستقبل ووسائل التواصل الإجتماعي التي تدور في فلكهم الأزرق، خرجت عن الأصول، وتجاوزت أطر إحترام الخلاف السياسي، وهو ما دفع للتساؤل والإستغراب في آن معاً، إذ كيف يبرّر الحريري وتيّاره لأنفسهم كيل الإتهامات وشنّ حملات تخوين وشتائم للنوّاب السنّة الستة، بينما يكادون يشعلون البلد ردّاً على اتهامات وشتائم وجهها إلى الحريري، وهي غير مقبولة، الوزير السابق وئام وهاب، بينما لم ينبسوا ببنت شفة خلال فترة إحتجاز الحريري في السعودية العام الماضي لمدة 14 يوماً.

هذا الكيل بمكيالين، دفع نوّاب اللقاء التشاوري إلى اعتبار رفض الحريري لقاءهم، وردّ نواب وقياديين في تيار المستقبل عليهم ″بعبارات تضمنت قدراً غير مسبوق من الإستخفاف، عدا عن الإتهامات التي قاربت الإهانات في الشكل والمضمون″،  ما جعلهم يبدون ″حرصاّ على عدم الخوض في هذه السجالات مع تيار المستقبل، إنطلاقاً من فكرة أساسية وهي أن خلافنا ليس مع سعد الحريري رئيس تيار المستقبل، وإنما مع سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف″.

وغمز نواب اللقاء من قناة حرصهم على مقام وصلاحيات رئاسة الحكومة، أكثر من الحريري نفسه، عندما دعوه لـ″تثبيت صلاحياته بالشكل والمضمون كرئيس لحكومة تصريف الأعمال، وبالتالي فإن هذا التصريف يجب أن يتم من السراي الكبير وليس من بيت الوسط″، مبدين إستغرابهم من ″خشية الحريري وتردده في القبض الكامل على صلاحياته، بشكل يوحي وكأن هناك آخرين يشاركونه تصريف الأعمال″.


Post Author: SafirAlChamal