لماذا يريد جبران باسيل إمتلاك الثلث المعطل؟… عبد الكافي الصمد

بعدما كُلّف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي، أعلن عن إرساء مجموعة قواعد قال إنه سيعتمدها في عملية التأليف، إبرزها إلى جانب صيغة أن لكل أربعة نواب وزير واحد، توزيع الحقائب الوزارية الثلاثينية إلى ثلاث عشرات، أي أن ينال فريق التيار الوطني الحرّ ورئيس الجمهورية 10 حقائب، وفريق 14 آذار 10 حقائب وفريق 8 آذار 10 حقائب أيضاً، مبرراً الخطوة بانها تمنع على أي فريق سياسي واحد إمتلاك الثلث المعطل (أي ثلث عدد الوزراء زائداً واحداً) يمكّنه من التحكّم بمجلس الوزراء إن لجهة تأمين نصاب انعقاده من عدمه، أو التحكّم بعملية التصويت على القرارات خلال الجلسات.

خلال مشاورات التأليف جرى التوافق بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، إضافة إلى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على إعطاء التيار البرتقالي سبع حقائب جميعها مسيحية من حيث التوزيع الطائفي، إضافة إلى ثلاث حقائب وزارية لرئيس الجمهورية إثنتان منهما مسيحيتان والثالثة سنّية، لكن هذا العدد من الحقائب الوزارية إرتفع إلى 11 بعد تسوية العقدة الدرزية بين ركني طائفة الموحدين الدروز، وليد جنبلاط وطلال إرسلان، وأفضت إلى تسمية وزير مقرب من إرسلان على أن يكون محسوباً على فريق رئيس الجمهورية، ما رفع حصة ثنائي عون ـ التيار الوطني الحرّ إلى 11 وزيراً.

أثار حصول فريق سياسي واحد داخل الحكومة على الثلث المعطل (أي ثلث أعضاء الحكومة زائداً واحداً) هواجس كثيرة، فهو أولاً كسر قاعدة التفاهم الأساسية لتشكيل الحكومة، أي أن لا يحصل أي فريق على أكثر من الثلث، كي لا يُعطى إمكانية التحكّم أو تعطيل مجلس الوزراء، وزاد من هذه الهواجس تمسك هذا الطرف بالثلث المعطل، إلى حدود أنه اعتبره مكسباً يرفض بأي شكل من الأشكال التنازل عنه.

وزاد من رفع منسوب الهواجس لدى مختلف الفرقاء السياسيين هو أن فريق رئيس الجمهورية ـ التيار الوطني الحرّ رفض حلّ عقدة تمثيل النواب السنّة المستقلين في الحكومة عبر التنازل عن الحقيبة السنّية التي خصّصت لرئيس الجمهورية وإعطائها لهؤلاء النواب، معتبراً أنه لا يقبل أن تكون التسوية على حسابه، ورامياً الكرة في ملعب الحريري لمعالجة العقدة السنّية على حسابه تحديداً.

غير أن تساؤلات عديدة طرحت حول أسباب تمسك باسيل بالثلث المعطل داخل الحكومة، ولماذا يخرق التفاهم الأولي الذي أرساه مع الحريري، وما الأسباب التي تدفع باسيل وفريقه السياسي إلى التمسك بالثلث المعطل، وفي وجه من يريد إستخدامه داخل الحكومة، حليفه الإستراتيجي حزب الله أم حليفه الجديد تيار المستقبل، ولماذا لا يحلّ العقدة السنّية عبر التنازل عن الوزير السني، من دون أن تنقص حصته عن 10 وزراء، بما يفسح في المجال أمام تأليف الحكومة التي مضى 190 يوماً على تكليف الحريري تشكيلها، وما تزال في غرفة الإنتظار، لكي تلتفت لمتابعة ومعالجة أزمات البلاد الملحة والعاجلة، وعلى رأسها الأزمة المعيشية والإقتصادية. 

كما أثار عدم قبول باسيل وفريقه السياسي التنازل في هذا المجال تساؤلات حول عنصر الثقة المفقود بين فرقاء الحكومة والحلفاء داخلها، وكشف أيضاً أن التحالفات بينهم هشة وسطحية، ومعرضة للإهتزاز عند أول خضّة، وأثار شكوك أكثر من طرف حول أسباب وأهداف تمسك باسيل وفريقه السياسي بالثلث المعطل، الذي يهدد الحكومة بالشلل منذ اليوم الأول لولادتها.


Post Author: SafirAlChamal