تجارة الخردة في لبنان.. ما هي ومن يستفيد منها؟… عمر ابراهيم

لا أحد يعرف تاريخ محدّد لمهنة جمع وبيع الخردة في لبنان، الا أنه من المؤكد ان هذه المهنة التي تنامى دروها مؤخرا، راجت بعد الحرب الاهلية وتطورت مع الحروب المتتالية التي شهدها لبنان ولم تتوقف مع عودة الامن والاستقرار بسبب الازمات الاقتصادية والمعيشية التي ترزح تحت وطأتها شريحة كبيرة من المواطنين، فضلا عن تحولها الى مهنة ثابتة للكثيرين ممن لفظهم سوق العمل المحلي ولم يجدوا مكانا بديلا لهم.

هذه المهنة التي لم يتم تسليط الضوء عليها بشكل واف، يعتبرها البعض أنها أشبه بتجارة الذهب، بالنسبة للذين حولوها الى تجارة عابرة للحدود، فغدت مصدر يدر عليهم أموالا طائلة ويوفر فرصا عديدة للعمل في مجال جمع الخردة على انواعها وفرزها وتوضيبها.

بعد الازمة التي نشأت مؤخرا بعد القرار التركي بمنع استيراد الخردة على خلفية قرارات سابقة اتخذتها الحكومة اللبنانية ومنع بموجبها استيراد بعض السلع التركية، بدأت الانظار تتجه الى هذه المهنة لمعرفة خفاياها ومن يعمل بها والمردود المالي الذي توفره لليد العاملة اللبنانية ولخزينة الدولة التي تستفيد مرافئها البحرية من رسوم تصدير الخردة بمالبغ مالية لا يستهان بها.

صرخة تجار الخردة الذين يشددون على ضرورة تسوية الاوضاع مع تركيا لاعادة التصدير، تكشف عن اضرار كبيرة قد تلحق بصغار العاملين في هذه المهنة بدءا بالاشخاص الذين يتجولون بالطرقات ويعملون على جمع الخردة من حديد والمنيوم ونحاس وكل ما يتوفر لهم، وصولا الى العمال داخل أماكن التجميع أو ما يعرف بـ″البورة″، وهي المكان الذي يتم فيه جمع الخردة وفرزها مرورا بالتجار ومعهم شركات النقل والمرافىء.

وتنتشر في لبنان مئات البور، ولطرابلس والشمال حصة الاسد حيث توجد منها العشرات ويدور في فلكها مئات العمال، ومنهم طلاب مدارس وجامعات يعملون لتأمين قوت يومهم ومصاريف دراستهم، وبعضهم بات يعمل بها بشكل علني بعد ان كان ذلك سرا من خلال التوجه ليلا الى الاماكن النائية لجمع الخردة بعيدا عن اعين الاهل والاصدقاء والمعارف.

سيارات بيك اب صغيرة ودراجات تجر عربات يجوبون الشوارع ليلا ونهارا لجمع الخردة من النفايات او عن طرق شرائها من المواطنين الذين ينتظرون لبيعهم ما يريدون التخلص منه من ادوات كهربائية او حتى مفروشات والتي غالبا ما تباع داخل البورة الى مواطنين او الى اصحاب مهن يعيدون تصليحها والاستفادة من بيعها بسعر اغلى.

روايات كثيرة يسردها بعض العاملين في هذه المهنة عن الاسباب التي دفعتهم لترك منازلهم ليلا والتوجه الى اكوام النفايات، ومعظمها مرتبطة بالوضع الاقتصادي، لكنهم في الوقت نفسه يتحدثون عن مداخيل مالية باتت تستهويهم وتدفعهم الى مواظبة العمل بهذه المهنة، حيث يؤكد هؤلاء ان طن الحديد الذي يجمعونه يباع بنحو 600 دولار اميركي، وطن التنك بنحو 400 دولار اما النحاسيات فاسعارها متفاوتة بحسب نوعها، فضلا عن الالمنيوم والمفروشات والبلاسيتك وحتى الكرتون.

بالاضافة الى هؤلاء فان ارباحا طائلة يحققها اصحاب البور ومعهم اصحاب شركات النقل والمرافىء حيث ان رسوم مرفأ طرابلس سنويا من التصدير تصل الى مليار ليرة لبنانية، الامر الذي يجعل هذه المهنة محورا يساهم الى حد ما في تحريك الدورة الاقتصادية وايجاد فرص عمل خصوصا ان خردة لبنان بحسب كل التقارير الدولية خالية من اي مواد مشعة كونها محلية وهذا ما تثبته المعدات الموجودة في الموانىء اللبنانية ولدى الدول المستوردة، والسؤال هل تتحرك الدولة لمعالجة الازمة مع تركيا وتقديم مصالح هذه الشريحة على الحسابات السياسية ومصالح بعض السياسيين الذين افتعلوا هذه الازمة مع تركيا؟..

kherda


Post Author: SafirAlChamal