إلى أين يقود باسيل المسيحيين والعهد؟… عبد الكافي الصمد

ماذا يريد جبران باسيل؟، وماذا يفعل بالتيار الوطني الحرّ والعهد الرئاسي؟، وهل في سبيل تحقيق ما يصبو إليه من ″طموحات″ رئاسية لا يتردد في التضحية بالتيار والعهد وحلفائهما؟، وهل يدرك رئيس التيار البرتقالي أي مصير ينتظره إذا ما استمر على المنوال ذاته؟..

لا ينفي كثيرون، من محبي باسيل وخصومه، ″النشاط″ الواسع و″الدينامية″ اللتين يتصف بهما وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، والملفات العديدة التي يتابعها بعناية ودقة بالغتين، واستغلاله بشكل جيد الإرث الشعبي والسياسي للتيار الوطني الحر منذ بداية تحركه أواخر ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم، واستفادته بشكل أو بآخر من شبكة العلاقات التي نسجها ″عمه″ رئيس الجمهورية ميشال عون منذ ذلك الحين وحتى اليوم، سواء بترسيخ زعامته للتيار البرتقالي، أو بتحوّله إلى رجل العهد الأول، وأحد المرشحين البارزين لرئاسة الجمهورية، ولو بعد أربع سنوات من تاريخه.

لكن في مقابل هذه الصورة الإيجابية والطموحة التي يحرص باسيل على تظهيرها، فإنه منذ وصول عون إلى قصر بعبدا قبل نحو سنتين ونيّف، بدأت إنتقادات عديدة توجّه إليه، وعلامات إستفهام كثيرة ترتسم حول أداء باسيل ومواقفه، وملاحظات حول الأهداف التي يسعى إليها، ومن أبرزها النقاط التالية:

أولاً: عندما نشأ التيّار الوطني الحرّ من رحم إعتصامات وحراك قصر بعبدا أواخر ثمانينيات القرن الماضي، والتفافه حول الجنرال عون، كان قسم كبير لا يستهان به من مؤيدي التيار من طوائف أخرى، واستمر التيار البرتقالي عابراً للطوائف منذ مغادرة عون لبنان إلى فرنسا مطلع تسعينيات القرن الماضي حتى عودته إليه عام 2005، على وقع تداعيات إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عامها؛ لكن التيّار بدأ شيئاً فشيئاً، بعد تسلم باسيل زمام الامور فيه، يفقد تأييده وسط الطوائف الأخرى، وأصبح  لأسباب عدّة تياراً مسيحياً ينادي بحقوق المسيحيين واسترجاعها، قبل تحوّله إلى تيار يتهم بأنه “ذو نزعة يمينية”، مستلهماً بعض أفكار الجبهة اللبنانية التي كانت سائدة في أوساط غالبية المسيحيين أيام الحرب الأهلية، برغم ما جرّته تلك الأفكار من ويلات على المسيحيين وعلى اللبنانيين معاً.

ثانياً: أظهرت حركة باسيل السياسية التي رافقت تأليف الحكومة منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها في 24 أيار الماضي، سعيه إلى امتلاك كتلة وزارية وازنة في داخل مجلس الوزراء، لا تقل عن الثلث، وعدم إخفائه طموحه بمشاركة رئيس الحكومة السلطة، ولو على حساب الأعراف والدستور، وإيحائه أكثر من مرّة أهدافه بإدخال تعديلات على اتفاق الطائف تسمح باستعادة رئيس الجمهورية  المسيحي  بعض صلاحياته التي سلبها منه الإتفاق المذكور، وصولاً إلى طموحه بامتلاك “الثلث الضامن” أو “المعطل” داخل الحكومة المقبلة، ما طرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء سعي رئيس التيار البرتقالي وتطلعه لامتلاك القدرة على التحكم بمجلس الوزراء وصولاً إلى حدّ تعطيله، لجهة: في وجه من يريد باسيل إستخدام هذه القدرة، في وجه حليفه الإستراتيجي حزب الله، أم حليفه الجديد تيار المستقبل، أم بمواجهة الإصطفاف المسيحي المستجد بين تيار المردة والقوات اللبنانية؟، وهل يدرك باسيل أن “اللعب” بالتوازنات الداخلية أشبه ما تكون اللعب بالنار؟.

ثالثاً: أحيا باسيل في الأيام الأخيرة نشاطاً رمزياً قام به التيار الوطني الحرّ في السنوات التي أعقبت نفي زعيمه، الجنرال عون إلى فرنسا وصولاً إلى حين عودته، وهو احتفاله بخروج الجيش السوري من لبنان في نيسان 2005، ومحاولته وضع نصب تذكاري في نهر الكلب يشبه نصب خروج الفرنسيين منه، من غير أن يقدم على خطوة مماثلة متعلقة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 2000، ما أثار أكثر من نقزة حول الهدف والتوقيت، خصوصاً بعد تقارب التيار البرتقالي وسوريا وزيارة عون دمشق قبل سنوات كاسراً سنوات العداء، وتحالفه مع أبرز حلفاء سوريا في لبنان، الذين دعموه وانتخبوه رئيساً للجمهورية برغم الفراغ الرئاسي الذي استمر أكثر من سنيتن ونيّف ومعارضة خصوم عون وصوله إلى قصر بعبدا، وهل بهذا التصرف يمكن لباسيل والعهد معالجة القضايا العالقة بين البلدين مثل تسهيل إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتحقيق مصالح البلدين المشتركة؟، وكيف يمكن لباسيل بعد ذلك الذهاب إلى دمشق ودعوتها لحضور القمة العربية الإقتصادية في بيروت في كانون الثاني المقبل؟، أم أن باسيل لا ينوي دعوتها برغم تبعات إستبعادها؟، وماذا سوف يربح باسيل والتيار البرتقالي في حال خسر حلفاء سوريا في لبنان؟، ومن هم حلفاءه الذين سيعوّض بهم هذه الخسارة؟، وما هي الضمانات والتعويضات التي تلقاها في حال نقل البارودة من كتف إلى آخر؟..


Post Author: SafirAlChamal