تلوث يهدد البيئة الساحلية في انفه… فاديا دعبول

لم تعد السيدة غلاديس سركيس تتحمل روائح الدخان المنبعث من خزانات الفيول المواجهة لمنزلها، حيث تسكن في حي السودات في انفه ـ الكورة. وهي مصابة بالسرطان، وروائح الدخان الاسود تكاد تخنقها، رغم انها تقفل الابواب والنوافذ كي لا تصلها الرائحة.

حال غلاديس هو حال جميع سكان المنطقة المحيطة بهذه الخزانات، وصرخة الاهالي تعلو من آل سركيس وعيسى ونخول وغيرهم من سكان المجمعات السكنية المقابلة لها. حيث انهم كثيرا ما قصدوا الشركة الخاصة بهذه الخزانات، مطالبين بالحد من هذه الانبعاثات، انما دون جدوى. حتى انهم نظموا عريضة بهذا الشأن، ″جراء احتراق الفيول، عند راس ″الملاليح″ على الشاطئ، وانبعاث روائح منها لا يمكن تحملها″.

هذه الانبعاثات السامة، وفق الاهالي، تصلهم حينما يكون الهواء غربيا، وهي كانت في الصيف شبه يومية. ويعتبرون انه بسببها تكاثرت الامراض الصدرية والسرطانية، ولو كان باستطاعتهم ترك المنطقة والسكن في اماكن اخرى ما كانوا ترددوا في ذلك، لاسيما ان التلوث يهدد حياتهم من كل اتجاه وأهمه شركات الاسمنت.

وحينما كان فريق بيئي وقانوني كوراني منذ يومين يقوم بجولة استطلاعية على الساحل الممتد من الهري عند شكا، مرورا بأنفه، وصولا الى دير الناطور لرصد المخالفات البيئية، وتنظيم جردة فيها، لرفع دعاوى قضائية، واذ بهذا الفريق يتفاجأ بالدخان الاسود يتصاعد من فرن تذويب الزفت، ويوثق مجريات المخالفة القانونية.

وفي هذا الصدد يؤكد الناشط البيئي حافظ جريج ان المصنع غير شرعي في منطقة مصنفة سياحية، كما ان المصنع انشئ في العام 1975 لتخزين الغاز، وما لبث ان تحول الى مازوت، ومنذ سنتين تقريبا تحول لزفت جبالات إسفلت الطرق.

ويشدد جريج على اننا لسنا ضد اشخاص، او ضد الصناعات، ويرى ان الصناعات جميعها على ساحل الكورة تنشر التلوث والامراض السرطانية والربو والحساسية وتقضي على البشر والحجر”. مشيرا الى ان الحل يقضي بتحرير المنطقة من صناعة الزفت وجبالة الباطون المركزية وشركات الترابة، واعادتها الى طبيعتها، واستثمارها في مشاريع سياحية وغيرها تؤمن فرص عمل نظيفة.

ويطالب باعادة النظر في التنظيم المدني للمنطقة، لاسيما ان الكورة لم تعد تحتمل المجازر البيئية التي ترتكب بحقها، والانسان فيها اهم من الاسمنت والذهب.

وتؤكد رئيسة هيئة تراث انفه وجوراها السيدة رشا دعبول ان التراث بشكل عام، مهما كان المصدر الملوث له، يجب علينا المحافظة عليه، وكل تعدي على جزء من التراث، ان كان تراثا ملموسا (حجري) او غير ملموس (عادات وتقاليد) او طبيعيا (البيئة وكل ما يحيط بها من تراب ونبات وماء وهواء..) يؤدي الى تدمير التراث بشكل عام، ويتصل بحركة دائرية مع بعضه البعض. مشددة على ان اي حلقة من حلقات التراث تتعرض للخطر، فالتراث باكمله يكون في دائرة الخطر. لذا تجد دعبول ان الهيئة معنية بجميع انواع التراث، لاسيما ان التراث الطبيعي في خطر كبير جدا، جراء المجازر العديدة التي ترتكب في هذا المجال.


Post Author: SafirAlChamal