جعجع الذي يترحم على ″الصدم″…مصدوم… مرسال الترس

فرق شاسع بين أن يكون المرء (وخصوصاً الغارق في السياسة) يصدر الاوامر لتنفذ فوراً بدون إعتراض، وبين أن يقف متفرجاً على بساط السلطة يُسحب من تحت رجليه ويقبل بالواقع كما رسمه الآخرون، ولم يكن بيده سوى أن يصف من خدعه بـ″الحقيرون″. الامر الذي عكس كم هو مصدوم مما حصل!.

رئيس حزب القوات اللبنانية الذي كان يأمر فيطاع ابتدأء من عناصر فرقة ″الصدم″ التي كانت  قوة نخبة في ميليشيا القوات، وصولاً الى آخر حامل بندقية على تخوم المنطقة الشرقية أو داخلها، يبدو بعد آخر مؤتمر صحافي عقده في معراب وكأن على رأسه الطير، بعد التبرير الذي ساقه بقبول مشاركة حزبه بالحكومة الحريرية الثالثة (التي تتعثر ولادتها منذ خمسة أشهر، من دون قدرة أحد على القيام بعملية قيصرية لتبصر النور)، والاعلان عن القبول بما قسّم له اولئك ″الحقيرون″… فهو منذ ذلك التاريخ لم يظهر في الاعلام الاّ لماماً، وهو الذي كان مالئ الدنيا وشاغل وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي صبحاً وظهراً ومساء، ابتداء من إطلالة او مؤتمر صحافي في معراب، الى استقباله احدى الشخصيات السياسية أو الديبلوماسية لبحث المستجدات، الى زيارته الى بيت الوسط… وما الى هنالك.

 فماذا عدا مما بدا لهذا الانكفاء غير المسبوق الاّ حين خرج من سجنه عام 2005 وذهب في رحلة نقاهة اوروبية مع عقيلته النائب استريدا طوق جعجع؟ بعض المراقبين ربط وصول جعجع الى هذه الحالة بعدة أمور أبرزها:

أولا: عدم ظهور أي موقف متضامن لافت من القوى المسيحية التي كانت تشكل عصب في ما كان يسمى بالرابع عشر من آذار، عندما استُفرد جعجع وحُوصر في زاوية اختيار الوزراء، نظراً لما سلفه رئيس حزب القوات لتلك القوى إن قبل الانتخابات النيابية أو أثنائها ودفعها الى شبه غياب عن التأثير العام.

ثانيا: العشق والهيام الذي رافق اتفاق معراب مع التيار الوطني الحر، تحّول الى سهام حارقة في الجلسات الحكومية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصولاً الى إتهام التيار واركانه بانهم يتمنون أن يروا القوات خارج الحكومة العتيدة وليس داخلها.

ثالثا: لم تنفع الزيارات الليلية والنهارية من جعجع الى بيت الوسط في وضع الرئيس المكلف سعد الحريري مطالب القوات في رأس أولوياته، فعند الجد تركهم ″يقلعون شوكهم بأيديهم″ وقال لهم:″هذا ما تبقى″. ألامر الذي فسره بعض المتابعين بأنه رد مؤجل على مواقف القوات ورئيسها على هامش أزمة الحريري في خريف العام الماضي حيث أعلن غير مرة أنه يريد أن يبق بحصة ثم ″ابتلعها″..

وبانتظار أن يستعيد جعجع وهجه الاعلامي، ووزيره في الحكومة وكاتم اسرار مفاوضاته السرية ملحم الرياشي مهماته في إعادة تكوين ″بيوت العنكبوت″، سيستفيد كثيرون من هذا الانكفاء ولاسيما خصومه الألداء لاستغلال الفرص الى أقصى ما يمكن.


Post Author: SafirAlChamal