الحريري وتأليف الحكومة: ″صفقة″ على حساب الطائفة السنّية؟… عبد الكافي الصمد

أكثر من سطحية وباهتة بدت ″همروجة″ التضامن مع رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري في طرابلس، وتعبّر عن أزمة بنيوية حادّة بات التيار الأزرق يعانيها بشدة في عاصمة الشمال، وكشفت حالة الضعف والإرباك الذي يعانيه، والأزمات التي يتخبط بها.

طيلة الأعوام الـ13 الماضية لم يُفوّت تيار المستقبل مناسبة في سبيل استخدام طرابلس في صراعاته الداخلية، وتحديداً مع منافسيه وخصومه داخل الطائفة السنّية، معتمداً على اندفاع المدينة وراءه بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي أعطته أكثريته النيابية مرتين خلال دورتي إنتخابات 2005 و2009.

تعبير مناصري التيار الأزرق في طرابلس مؤخراً عن دعمهم للحريري يأتي ضمن هذا السياق، فهم إندفعوا، في حملة خجولة ومصطنعة، معلنين تأييدهم لزعيمهم وتضامنهم معه، ووقوفهم إلى جانبه في مواجهة أزمة تأليف الحكومة، والتي توقفت مؤخراً جهود تشكيلها عند عقدة التمثيل السنّي في الحكومة، التي يحاول الحريري بقاء الحضور السنّي فيها محصوراً به وبتياره.

لكن تضامن الجمهور الأزرق مع الحريري لمواجهة هذه الأزمة، طرحت تساؤلات عدة حول أسباب غياب هذا الجمهور عن الحضور والتعبير عن تضامنه مع زعيمه، طيلة الأشهر الخمسة الماضية، يوم كان الحريري يواجه عقدتي التمثيل المسيحي والدرزي في الحكومة، ولماذا بقي صامتاً ولم يتحرّك إلا عندما واجهته عقدة التمثيل السنّي؟

وبدت أقوال وتصاريح قيادات تيار المستقل وجمهوره، بأن العقدة السنّية مصطنعة ومفاجئة ومفتعلة، وأنها تهدف إلى عرقلة تأليف الحكومة، سطحية وتفتقر إلى الدقة والموضوعية، لأن  الأسباب الحقيقية للأزمة الحالية هي تعاطي تيار المستقبل مع العقدة السنّية كأزمة عابرة وهامشية، ولم يعطها إهتماماً، وتجاهلها كليّاً.

منذ تكليف الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي، لفت نظره كثيرون، ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى ضرورة عدم تجاهل تمثيل النواب السنّة الـ10 الذين فازوا في الإنتخابات من خارج خيمة تيّاره، لكنه تعمّد تجاهل الموضوع كليّاً، وبدا وكأنه يحاول شراء الوقت من أجل فكفكة عقدتي التمثيل المسيحي والدرزي فقط، وعندها برأيه فإن تشكيل الحكومة سيكون منتهياً.

خلال هذه الفترة، وللتأكيد أن عقدة التمثيل السني في الحكومة ليست طارئة، إعترف وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في حديث صحافي أدلى به في 19 تموز الماضي إلى جريدة الجمهورية، بأن هناك 3 عقد تعترض تأليف الحكومة، هي العقد المسيحية والدرزية والسنّية، وقبل نحو شهر تقريباً أبلغ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعض من التقاهم من كبار المسؤولين، تمنيه عليهم توزير جهتين في الحكومة، النواب السنّة المستقلين والحزب السوري القومي الإجتماعي، فضلاً عن أن الحريري كان يُصرّح بأنه لا يعترض على تمثيل سنّة المعارضة، لكن شرط ألا يكونوا على حساب حصته.

نهاية الأسبوع الماضي، كشف النائب جهاد الصمد، أحد النواب السنّة المستقلين، في لقاء شعبي في بلدته بخعون، جانباً من المناقشات والخفايا المتعلقة بالعقدة السنّية، عندما أعلن أن عروضاً قدمت إليهم كي يتمثلوا في الحكومة شرط أن ينتموا إلى كتلة التيار الوطني الحر، أو أن يقبلوا مقايضة حقيبتهم الوزارية بحقيبة أخرى من حصة الطائفة الشيعية، لكنهم رفضوا كل ذلك، وأكدوا تمسكهم بحقيبة وزارية من حصّة الطائفة السنّية حصراّ، وعدم قبولهم أن يكونوا من حصة أحد.

لكن أبرز ما كشفه الصمد، وحذر منه قيادات وجمهور الطائفة السنّية، قوله إن ما يُضعف مقام رئاسة الحكومة ليس توزير أحد النواب السنّة المستقلين، إنما التنازلات التي تٌقدّم والتي يتبين ثمنها، متحدثاً عن صفقة ستكون على حساب مقام رئاسة الحكومة، تهدف إلى إعطاء كتلة لبنان القوي 11 وزيراً، ما تجعله قادراً على التحكّم بالحكومة وقراراتها، بسبب إمتلاكه الثلث المعطل أو الضامن، معلناً أن هذه الصفقة لن تمرّ، ومشدّداً على أن حصّة السنّة في الحكومة ليست كي يتم تبادلها في المقايضات والتسويات والعطاءات، ومنبهاً الحريري من أن يتنازل عن أي صلاحية من صلاحيات مقام رئاسة الحكومة أو صلاحيات أهل السنة والجماعة.


Post Author: SafirAlChamal