ميقاتي يُزعج الآخرين بصمته: الصورة قاتمة جدا… غسان ريفي

يلتزم الرئيس نجيب ميقاتي الصمت، وربما يكون صمته في ظل هذه الضوضاء السياسية ″موقف″ يحاول كثيرون فك شيفرته، وصولا الى محاولة إستفزاز ميقاتي من خلال بعض التقارير الاعلامية لكسر هذا الصمت وتجييره لمصلحة أو لدعم هذا الفريق أو ذاك..

صمت ميقاتي لا يعني بأي شكل من الأشكال ″نأيا بالنفس″ عما يحصل، فهو كان وما يزال يتقدم الصفوف حتى بات يشكل خط الدفاع الأول عن إتفاق الطائف، وعن موقع رئاسة الحكومة، وعن صلاحيات رئيسها أيا كان هذا الرئيس، إضافة الى دعمه مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري الذي تمت تسميته بشبه إجماع 111نائبا، متعاليا بذلك على كثير من الخلافات التي سبق وطبعت العلاقة بينهما وخصوصا قبل الانتخابات النيابية الأخيرة.

دعم ميقاتي للحريري ربما لا يعجب بعض التيارات السياسية التي تُصنف في خانة الخصومة مع الحريري، لكن المستغرب أن هذه التيارات نفسها لم يكن لديها أي إحراج في التعاون مع الحريري الى حدود التماهي معه والاشادة به في حكومته الأولى من عهد الرئيس ميشال عون، وصولا الى إعادة تسميته بعد الانتخابات لرئاسة الحكومة ودعم مهمته وتذليل العقبات أمامه الى حين الوصول الى ما يسمى بعقدة سنة المعارضة الذين سعى بعضهم الى إيجاد إطار مستقل لهم بعيدا عن كتلة ميقاتي الوسط المستقل التي تضم أربعة نواب يشكلون نصف عدد نواب طرابلس.

يرفض الرئيس ميقاتي كل الأعراف التي تحاول بعض التيارات السياسية إدخالها الى الدستور لتحل شيئا فشيئا مكان النصوص، ولطالما إعتبر أن هذا السلوك يشكل خطرا كبيرا على الطائف وعلى التوازنات التي يقوم عليها البلد، وأن مواجهته تعني كل من يريد الحفاظ على إستقرار لبنان ووحدته الوطنية، وأن هذا ليس من باب الدعم للرئيس الحريري على وجه الخصوص، وإنما للحفاظ على موقع رئاسة الحكومة الذي لن يبقى للحريري أو غيره، لأن الموقع يبقى أما الأشخاص فهم زائلون.

في بعض جلساته الخاصة وعلى وقع الأسئلة الملحة والمتواصلة من قبل زواره، يخرق الرئيس ميقاتي بعضا من صمته، ليشير الى أن الصورة قاتمة جدا، والى أن البلد تحول الى مقاطعات كل فريق يسعى الى السيطرة على واحدة منها، وأن يجبي الأموال من الدولة لمصلحتها، مؤكدا أن هذا الآداء السياسي خاطئ بكل ما للكلمة من معنى وسيؤدي بلبنان الى ما لا يحمد عقباه.

يرى ميقاتي ردا على أسئلة زواره، أن لبنان لا يمكن له أن يستمر بهذا الشكل، حيث لا إستقلالية في القرار، والفساد يستشري أفقيا، ولا وجود لرؤية مستقبلية لدى أي فريق، فضلا عن غياب نهج إدارة الدولة، والكل يقف عاجزا في ظل التعطيل حيث تتأرجح القرارات المصيرية بين التيارات السياسية التي يتصرف كل منها بحسب مصلحته ومكاسبه الشخصية، من دون أن يلتفت الى مصلحة لبنان واللبنانيين.

ويسأل ميقاتي: كيف يمكن أن نعيش مع بعضنا البعض، ونحن نتشارك في حفلة من التكاذب والتذاكي على بعضنا البعض؟، والى أين سنصل بهذا البلد؟، لافتا الى أن البلد يكاد يضيع من بين أيدينا، والمطلوب وقفة ضمير من قبل أركان السلطة لأن المركب بات على وشك الغرق.

في ظل ذلك، يأمل ميقاتي أن يصمد البلد وأن يبقى عصيا على الانهيار، لافتا الى أننا في الاقتصاد والنقد وصلنا الى عنق الزجاجة، وهناك شخص حكيم هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يسعى في كل مرة الى تطويل عنق الزجاجة، لكن ما نخشاه هو، الى متى يمكن أن ينجح في ذلك؟، والى متى ستصمد هذه الزجاجة؟..


Post Author: SafirAlChamal