حسابات تيار المستقبل: عندما لا ينطبق الحقل على البيدر… عبد الكافي الصمد

قبل أيام، وبعد وصول رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى حائط مسدود منعته من تشكيل الحكومة قبل قبوله بمشاركة النواب السنّة المستقلين في حكومته، ومعارضته بشدّة هذا الأمر، شنّ إعلام تيار المستقبل على اختلافه حملة واسعة على النواب المذكورين، وكال لهم إتهامات شتى، عكست توتره وأزمته، وصولاً إلى حدّ تشكيكه بالأصوات التي حصلوا عليها في الإنتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار الماضي.

وانساق في هذه الحملة وراء وسائل إعلام التيار الأزرق نوابه ومنسقيه وكوادره ومناصريه، وحاولوا إيهام المواطنين بمنطق وصحّة مواقفهم، برغم ما شابها من مغالطات عديدة، وأخطاء كشفت زيف إدعاءاتهم، وقدّموا حججاً واختلقوا ذرائع تبين لاحقاً أنها تدينهم ولا تدين خصومهم، سواء داخل الطائفة السنّية أو خارجها.

وكان من أبرز هذه المغالطات ما يلي:

أولاً: قال إعلام تيار المستقبل إن النوّاب السنّة الستة المستقلين، فيصل كرامي وجهاد الصمد وعبد الرحيم مراد وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم والوليد سكرية، قد حصلوا، مجتمعين، على 43300 صوت تفضيلي سنّي من أصل 481680، هو المجموع العام للأصوات التفضيلية السنية في كل الدوائر في الإنتخابات النيابية الأخيرة، أي ما يعادل بالنسبة المئوية 8.9 في المئة، معتبراً أن كلامهم بأنهم قد نالوا 40 في المئة من أصوات الناخبين ″مغلوطة″.

لكن هجوم الإعلام الأزرق على النواب السنّة المستقلين أوقعه في ورطة كبيرة، فلو اعتمد المقياس ذاته على نواب تيار المستقبل السنّة الـ17، لتبين، وفق الأرقام الرسمية للإنتخابات، أنهم نالوا 177956 صوتاً تفضيلياً سنّياً، أي 36 في المئة من أصوات النّاخبين السنّة، وهي أرقام تدلّ أن النواب السنّة المستقلين حازوا أصواتاً من ناخبيهم السنّة تعادل 25 في المئة من حجم أصوات الناخبين السنّة التي حازها النواب الزرق، ووفق هذا الحساب، يفترض أن ينالوا ربع الحقائب الوزراية العائدة للسنّة في الحكومة، أي وزير واحد على الأقل.

ثانياً: أغفل إعلام تيار المستقبل الإتيان على أصوات أربعة نواب سنّة آخرين فازوا في الإنتخابات النيابية من خارج التيار الأزرق، وهم الرئيس نجيب ميقاتي والنواب أسامة سعد وفؤاد مخزومي وبلال عبد الله، وأصوات هؤلاء تؤهلهم لأن ينالوا حقيبة وزارية أخرى، ما يعني أن حصّة تيار المستقبل يفترض أن لا تتجاوز أربع حقائب وزارية سنّية.

ثالثاً: وفق حسابات إعلام تيار المستقبل والحملة السياسية التي تشنها قيادته على النواب السنّة المستقلين لمنع توزيرهم، ولاستمرارهم في احتكار تمثيل الطائفة السنّية، فإن ما لا يقل عن 45 في المئة من الناخبين السنّة ذهبت لمرشحين لم يحالفهم الحظ بالفوز، أو لمرشحين غير سنّة، وهذه الشريحة الكبيرة من السنّة يفترض تمثيلها في الحكومة، وإلا يعتبر تغييبها إجحافاً.

رابعاً: هناك عدد لا يُستهان به من نواب كتلة المستقبل النيابية ليسوا حزبيين، ومناصريهم ليسوا أعضاء منتسبين للتيار الأزرق، بل يلحقون بهؤلاء النواب وقياداتهم السنّية أينما توجّهوا، وعليه فإن السؤال الذي يوجه إلى تيار المستقبل يكون: ما هو الحجم الفعلي لقاعدة التيار نيابياً وشعبياً، إذا حذف منها بعض النواب والأصوات السنّية المؤيدة لهم، وكانوا على لوائح أخرى في الإنتخابات، ومن أبرزهم النواب محمد كبارة، وليد البعريني، محمد سليمان، طارق المرعبي، محمد القرعاوي وتمام سلام؟.

خامساً: لطالما كانت قيادات تيار المستقبل تقول إن تيارهم عابر للطوائف والمناطق، لكن هذا التقوقع المذهبي، في الخطاب السياسي والإعلامي، يعكس أزمة بنيوية يعانيها التيار منذ فترة، لكنها إستفحلت كثيراً في الآونة الأخيرة، وما الخطاب المتوتر والخارج عن أصول الإختلاف في الرأي والموقف، ورفض الإعتراف بالآخر ضمن البيت السنّي، وكيل إتهامات التخوين، إلا تأكيدا على ذلك، وهي أزمة ينتظر أن تأخذ منحى دراماتيكياً أكثر في المرحلة المقبلة إذا لم يراجع تيار المستقبل حساباته، ويعيد قراءة مواقفه من جديد.


Post Author: SafirAlChamal