كيف سيكون شكل الحريري ″الثالث″ بعد تشكيل الحكومة؟… عبد الكافي الصمد

بعد حلّ العقدتين الدرزية والمسيحية، بانتظار حل العقدة السنّية، فإن موعد ولادة الحكومة العتيدة لم يعد بعيداً، وإنْ استغرق الأمر بعض الوقت، بانتظار إيجاد مخرج مناسب لتوزير النوّاب السنّة المستقلين، تمهيداً لإصدار المراسيم من قصر بعبدا.

متغيّرات عديدة، في الشكل والمضمون، طرأت على شكل الحكومة المنتظرة وعلى القوى السياسية التي ستشارك بها، سواء لجهة دخول أطراف وخروج أخرى، وتضخيم أو تحجيم آخرين، وتمسك البعض بحقائب وزارية معينة، أو خسارة غيرهم حقائب وزارية كانت في عهدتهم، أو حصول آخرين على حقائب وزارية لم يتسلموها من قبل.

ومع أن الحكومة المقبلة ستخضع للتحليل بشكل واسع بعد إعلانها، فإن أبرز متغيّر فيها سيكون الذي سيطرأ على رئيسها المُكلّف تأليفها سعد الحريري، الذي يتضح يوماً بعد آخر حجم المتغيّرات التي تعرض لها، ومن أبرزها:

أولاً: يجد الحريري نفسه للمرة الأولى منذ 13 عاماً، في أعقاب اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فاقداً للأغلبية النيابية التي كان يملكها، التي حازها في دورتي إنتخابات عامي 2005 و2009، لكن إنتخابات 6 أيار 2018 جعل كتلته النيابية تتراجع من 33 نائب إلى 20، وكانت الخسارة الأكبر هي التي نزلت به داخل طائفته السنّية، بعد استطاع 10 نواب سنّة كسر آحادية تمثيله للطائفة السنّية، وحصولهم مجتمعين على نحو 40% من أصوات الناخبين السنّة.

ثانياً: ستكون الحكومة المرتقبة الأولى منذ عام 2005، باستثناء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية (2011 ـ 2013)، التي لا يملك فيها الحريري وحلفاءه الأغلبية، وهم حلفاء فرّقت بينهم السبل والمصالح، كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، ما أدى إلى انهيار فريق 14 آذار، بعد تراجع عدد نواب هذا الفريق، بفعل قانون الإنتخابات القائم على النسبية والصوت التفضيلي، ورجحان كفّة مكونات فريق 8 آذار الذين أصبحوا يملكون الأغلبية النيابية، وهي أغلبية كانت نتيجتها أن الحكومة المقبلة سوف يحوزون فيها، مبدئياً، على 17 وزيراً من أصل 30 وزيراً، ما يعني أن الكفّة المرجحة والكلمة المفصلية في إمرار القرارات والمراسيم داخل مجلس الوزراء ستكون لهم.

ثالثا: سيخوض الحريري في الحكومة المقبلة تجربة سياسية هي الأولى له، من حيث أن القرار فيها لن يكون له لأنه لا يملك الأغلبية فيها، وأنه سيكون الأضعف بين الاقوياء الذين يشاركون فيها، وعلى رأسهم حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، كما أن الحريري سيجد نفسه لأول مرّة منذ 13 عاماً وهو أمام فريق سياسي سنّي سيقاسمه حصّة الطائفة السنّية داخل الحكومة، وهو فريق النواب السنّة المستقلين وكتلة الوسط المستقل برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، في حال توزيرهم أو توزير أحدهما كما بات مرجّحاً.

رابعاً: يتسلم الحريري رئاسة الحكومة للمرّة الثالثة وهو ليس بأفضل حالاته سياسياً وشعبياً ومالياً، وعلى وقع تداعيات أزماته مع حلفائه في لبنان ورعاته في السعودية، ونتيجة سقوط رهاناته السياسية في المنطقة، وخصوصا بما يتعلق بسوريا، ما يطرح تساؤلات عديدة حول الشكل الذي سيظهر به الحريري ″الثالث″، أداء وممارسة، وكيف سيتعاطى مع حلفائه ومع خصومه على حد سواء، وهل سيتغير أداءه في الشكل والمضمون، وكيف ستكون مقاربته للقضايا والملفات العالقة بعد المتغيرات والتقلبات التي تعرّض لها؟..

الأيام المقبلة وحدها تحمل الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها.


Post Author: SafirAlChamal