المنية.. هل تنتفض دفاعا عن سلامة أبنائها؟… عمر إبراهيم

مرة جديدة يجد أبناء المنية أنفسهم ضحية واقع مرير تفرضه عليهم سياسة التسويات والصفقات والاغراءات المتبعة من قبل الحكومة وبعض النافذين الذين يسعون وبقوة الأمر الواقع إلى تمرير صفقة معمل دير عمار 2  على حساب مصالح المنطقة الغارقة في بحر من الحرمان والإهمال، ويخيم على أجوائها خطر الموت من السموم المنبعثة من معمل دير عمار الأساسي  لتوليد وتحويل الطاقة الكهربائية.

يعلم ابناء المنية اكثر من غيرهم المخاطر المحدقة بهم من معمل دير عمار الذي بني قبل عقود وتحوم حول ادارته والشركة المشغلة له علامات استفهام عن مدى التزامهما بتطبيق الحد الأدنى من الشروط المطلوبة لضمان عدم تلوث اجواء وبحر المنية،  وهي أمور لطالما اشتكى منها الأهالي واثبتوا بالأدلة التلوث الناجم عن المعمل والأضرار التي ألحقها بالبشر ممن اصيبوا بأمراض سرطانية أو بالشجر والثروة السمكية.

كل مطالبات أبناء المنية بضرورة إلزام إدارة المعمل بالشروط المطلوبة كانت تصطدم بتعنت سياسي من جهات تقف خلف من يدير ويشغل المعمل وهي معروفة بانتمائها السياسي، وقد عادت اليوم لتفرض صفقة جديدة لإنشاء معمل تحت اسم معمل دير عمار 2 متحصنة بحليف قوي في السلطة وببعض الوعود التي يحاولون إغداقها على الأهالي من وظائف وغيرها من الاغراءات، خصوصا أن معظم الجهات السياسية والفاعليات الرافضة للمشروع في المنطقة قد تم إزاحتها عن الساحة ومنهم النائب السابق كاظم الخير الذي كان ابلغ سابقا رئيس الحكومة سعد الحريري رفضه للمشروع وأصراره على ضرورة إصلاح الخلل في المعمل الأساسي وإلزام الشركة المشغلة بضرورة تطبيق القوانين المرعية في تشغيل المعمل بما يحافظ على حياة المواطنين وعلى الوضع البيئي في المنية ومحيطها.

حتى اللحظة من غير المعروف كيف ستسير الأمور لكن الواضح ان الاعتراضات بدأت، وإن كانت خجولة وهي تجسدت مع زيارة وزير الطاقة سيزار ابي خليل إلى معمل دير عمار برفقة السفيرة الاميركية في لبنان ووفد الشركة الاميركية التي تعمل على تجديد المعمل الحالي، حيث تجمع العشرات من أهالي المنطقة من الناشطين ورفعوا لافتات منتقدة وأخرى تطالب باعادة تركيب فلاتر للمعمل لوقف انتشار السموم في المنية، واطلقوا صرخات تحذر من النتائج الكارثية لمعمل دير عمار 2.

الوزير ابي خليل الذي استغل المناسبة للإعلان عن مشروع معمل دير عمار 2 من دون ان يبدد هواجس الأهالي من المعمل الأساسي، أو أن يقدم لهم وعودا بمعالجة الأخطاء التي تسببت بهذا التلوث في المنطقة، وهو ما اعتبره البعض على انه رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن المعمل سينفذ وأن أي إعتراض لن يؤثر  طالما أن المشروع يدعمه تياران أساسيان في البلد.

وامام هذا الواقع، يبدو ان الجميع في المنية غير مطمئن لنوايا الدولة ومن محاولة فرض مشروع جديد من دون مراعاة هواجس الأهالي. وهو ما يفسر ربما غياب النائب عثمان علم الدين عن زيارة الوزير ابي خليل إلى المعمل، حيث تشير المعطيات إلى ان كرة الاحتجاجات قد تكبر طالما ان المعنيين لم يقدموا ضمانات تزيل خوف الأهالي، علما ان هناك من يراهن على تطويع الحركات الاحتجاجية أو محاولة محاصرتها لتمرير المشروع في الوقت المحدد حيث من المفترض أن ينطلق العمل به مطلع العام المقبل.. 


Post Author: SafirAlChamal