على ماذا يعتمد الحريري في تفاؤله؟… غسان ريفي

يصح القول بالتفاؤل المستمر من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري: ″أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب″، خصوصا بعدما وصلت مشاورات تشكيل الحكومة الى طريق مسدود لا يريد أي من الأفرقاء السياسيين الاعتراف به، حفاظا على الايجابيات التي حققتها المفاوضات الأخيرة قبل أن تصطدم بعقدة وزارة العدل بين رئيس الجمهورية والقوات اللبنانية، وعقدة تمثيل سنة 8 آذار.

بات معروفا أن الرئيس الحريري لم يعد لديه مساحات واسعة للتحرك حكوميا، وأن أي خطوة منه لاعطاء القوات اللبنانية حقيبة وزارية من الحقائب المحجوزة أو زيادة حصتها، سيؤدي الى إنقلاب جدول الحقائب رأسا على عقب، والى إعادة ترتيبه من جديد، ما يعني عودة الأمور الى المربع الأول.

لذلك فإن خيارات الحريري باتت محدودة جدا، حيث لم يعد لديه سوى حقائب العمل أو التربية، أو الاتصالات التي هي من حصة تيار المسقبل، في حين أن القوات ترفض العمل، والحزب التقدمي الاشتراكي يرفض التخلي عن وزارة التربية لمصلحة القوات، وطبعا لا يمكن للحريري أن يتخلى عن الاتصالات التي تعتبر من الثوابت سنيا، وتنازله عنها سينعكس عليه سلبا في شارعه، وسيغضب رؤساء الحكومات السابقين الذين يدعمون مهمة الحريري ويشدون أزره، فضلا عن إعتراض مكونات سياسية أخرى على أن تكون الاتصالات من حصة القوات.

وأشارت معلومات الى أن الحريري إستعان بصديقه الوزير جبران باسيل متمنيا عليه إقناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التخلي عن حقيبة العدل لمصلحة القوات كخرطوشة أخيرة لانهاء عقدتها وتسهيل ولادة الحكومة، وهو ما يزال ينتظر عودة باسيل من وارسو ليحصل منه على الجواب الشافي، وإلا فإن الحريري سيجد نفسه أمام معضلة إنسحاب القوات من الحكومة إحتجاجا على عدم مراعاة وزنها السياسي وحجم تمثيلها النيابي في التشكيلة الحكومية، وهو أمر لن يستطيع تحمل تبعاته لا سعوديا ولا دوليا، ما يجعله في وضع حرج جدا.

هذا من جهة القوات، أما من جهة اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، فإن إعلان الحريري أن تمثيله في الحكومة غير وارد، وغير موجود على جدول أعماله، لا يلغي الأزمة المستجدة، ولا يخفف من إصرار حزب الله على أن يكون في الحكومة وزيرا لسنة 8 آذار، خصوصا أن رئيس الجمهورية لا يبدو أنه مستعد للتضحية بالمقعد السني من حصته لمصلحة النواب السنة المستقلين وهو أمر يتفهمه حزب الله الذي يضع حل عقدتي القوات والنواب السنة في عهدة الرئيس المكلف الذي يبدو أنه يحاول رمي كرة الأزمة في ملاعب الآخرين، لكن من دون جدوى.

لا شك في أن الرئيس الحريري عاد من السعودية متحصنا بدعم ولي العهد محمد بن سلمان الذي أظهر على الهواء مباشرة في مؤتمر الاستثمار إحتضانا كاملا للحريري وصولا الى ضربه البروتوكول عرض الحائط، لكن هذا الدعم من المفترض أن يحمّل الرئيس المكلف مسؤولية أكبر أمام ولي العهد وأمام القيادة السعودية، لجهة عدم التفريط بالثوابت ومنها القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وعدم تقديم التنازلات مجددا لحزب الله بما يخص تمثيل سنة 8 آذار، الأمر الذي سيجعل الحريري في وضع لا يُحسد عليه، يجعل تفاؤله من دون مضمون أو معنى!.


Post Author: SafirAlChamal