إلى أين سيصل الكباش بين الحريري وسنّة المعارضة؟… عبد الكافي الصمد

بعدما كان تمثيل النواب السنّة المستقلين الـ10 من خارج تيار المستقبل آخر العقد التي كان يجري الحديث عنها، وعن أنها هامشية، ولن تتسبّب في عرقلة ولادة الحكومة، وصولاً إلى حدّ إنكار الحريري ومقربين منه وجود عقدة سنّية في الأصل، تبيّن بعد مرور خمسة أشهر على تكليف الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي، أن العقدة السنّية لا تقلّ أهمية وتعقيداً وتشابكاً عن العقدتين المسيحية والدرزية اللتين تصدرتا واجهة العقد.

منذ اليوم الأول لتكليفه، أصرّ الرئيس الحريري بشكل أو بآخر على رفض مشاركة أيّ مكوّن سنّي آخر سواه في حصّة الطائفة داخل حكومته المرتقبة، باستثناء تنازله عن حقيبة وزير سنّي لمصلحة رئيس الجمهورية ميشال عون، على أن ينال مقابله في عملية تبادلية وزيرا مسيحيا، متجاهلاً توزير أحد من النوّاب السنّة الـ10 الآخرين الذين فازوا في الإنتخابات النيابية، برغم تسمية 8 منهم له في إستشارات التكليف، وجعله يرفض الأيدي التي مُدّت إليه، برغم أنه قال في حينها إنه سيتبع سياسة اليد الممدودة في تأليف الحكومة!.

طوال الأشهر الخمسة الماضية، لم يترك الحريري محاولة إلا وبذلها في سبيل إرضاء القوى السياسية التي ستشاركه الحكومة، من التيار الوطني الحرّ إلى القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، فضلاً عن الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة أمل، إن من جهة إرضائهم بعدد الحقائب التي سينالونها أو نوعها، من سيادية إلى خدماتية رئيسية أو عادية أو هامشية أو وزراء دولة، باستثناء النواب المستقلين السنّة الذين لم يكلف نفسه الوقوف على رأيهم، اللهم إلا الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يلتقيه مع رؤساء الحكومات السابقين في إطار دعمهم للرئيس المكلف في مهمته وموقعه.

تشبّث الحريري بموقفه، كان محل استغراب وتساؤل في مختلف الأوساط، لأسباب عدة من أبرزها:

أولاً: معظم الطوائف والمذاهب الأخرى تتميز بوجود ثنائية أو تعدّدية سياسية فيها؛ كالثنائي حزب الله وحركة أمل في الطائفة الشيعية، والرباعي المتمثل بالتيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وتيار المردة وحزب الكتائب عند المسيحيين، والحزب التقدمي الإشتراكي بزعامة وليد جنبلاط والحزب الديمقراطي اللبناني بزعامة طلال إرسلان عند الدروز، وصولاً إلى الطاشناق والهاشناق والرامغفار عند الأرمن.

ثانياً: منذ عام 2005، تمسّك الحريري وتيار المستقبل بآحادية تمثيل الطائفة السنّية في معظم الحكومات التي تولاها، وإن شارك بعض حلفائه السنّة أحياناً كالنائب السابق محمد الصفدي، وهو تمسّك كان مبرّراً ومنطقياً لأن التيّار الأزرق كان يفوز بأغلب مقاعد الطائفة السنّية الـ27 في المجلس النيابي، لكن الوضع تغير بعد إنتخابات 2018، إثر فوز 10 نواب سنّة من خارج خيمة تيار المستقبل في دوائر إنتخابية كانت مقفلة عليه، كطرابلس والضنية وبيروت والبقاع الغربي وصيدا، وبالتالي فإن إصرار الحريري على آحادية تمثيل السنّة في الحكومة لم يعد منطقياً، ولا يستقيم مع الواقع الجديد الذي أفرزته صناديق الإقتراع.

ثالثاً: رفع الحريري سقف موقفه الرافض لتمثيل أي جهة سنّية أخرى في الحكومة، واعتباره أن موضوع تمثيل سنّة المعارضة غير موجود على جدول أعماله، قوبل بتشدد مماثل من قبل النوّاب السنّة المستقلين، الذين اعتبروا أن تمثيلهم في الحكومة ″أمر بديهي، لا يحتاج منّة من أحد، ولا يخضع لمساومات أو تسويات أو توليفات على الطريقة اللبنانية″، وأن الحكومة ″لن تشكل بلا مشاركتهم فيها″.

رابعاً: تشدّد كلّ من الحريري والنوّاب السنّة المستقلين بموقفهم من المشاركة في الحكومة، سيفضي في النهاية إما إلى تراجع أحدهما، وهو الأمر الذي سيعتبره أي طرف خسارة؛ أو البحث عن مخرج يرضي الطرفين، ويحفظ ماء وجههما، كي لا ينتقل ″الكباش″ بينهما، في الحالتين ( نجاح الحريري في إبعاد سنّة المعارضة، أو فرضهم عليه تمثيلهم في الحكومة)، إلى داخل مجلس الوزراء أو خارجه. 


 

Post Author: SafirAlChamal