قد نفهم، وربما قد نتفهّم، مفهوم الخلافة وانتقال السلطة أباً عن جدّ في الممالك والسلطنات والإمارات والمشيخات العربية (8 دول)، لكن هل يمكن شرح تقبّل الشعوب العربيّة ورضوخها لظاهرة رؤساء الجمهوريات ″الديمقراطية″ الذين يحكمون بلادهم عشرات السنين؟
على سبيل المثال الرؤساء ياسر عرفات رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ 4 شباط 1969 ومن ثمّ رئيساً للسلطة الفلسطينية حتى وفاته في 11 تشرين الثاني 2004، ومعمّر القذافي رئيساً للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى منذ 1 أيلول 1969 وحتى الإطاحة به واغتياله في 20 تشرين الاول 2011، ومحمد سياد بري رئيساً للصومال منذ 21 تشرين الاول 1969وحتى الاطاحة به في انقلاب عسكري بتاريخ 26 كانون الثاني 1991، وحافظ الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية من 22 شباط 1971 وحتى وفاته في 10 حزيران 2000 حيث خلفه نجله الرئيس بشار الأسد، وعلي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية اليمنية منذ 17 تموز 1978 وحتى إجباره على التنازل في 21 شباط 2012 (ومن ثمّ اغتياله)، وصدام حسين رئيساً للجمهورية العراقية من 16 تموز 1979 وحتى الاطاحة به في 9 نيسان 2003 (ومن ثمّ إعدامه)، محمد أنور محمد السادات رئيساً لجمهورية مصر العربية من28 أيلول 1970 إلى حين اغتياله في 6 تشرين الاول 1981، ومحمد حسني مبارك رئيساً لجمهورية مصر العربية منذ 14 تشرين الاول 1981 وحتى تنحيه نتيجة للضغوط الشعبية بتاريخ 11 شباط 2011 (ومن ثمّ محاكمته ووضعه تحت الإقامة الجبريّة)، وزين العابدين بن علي رئيساً للجمهورية التونسية منذ 7 تشرين الثاني 1987 وحتى الإطاحة به في 24 كانون الثاتي 2012 (ومن ثمّ لجوئه الى السعودية)، وعمر حسن البشير رئيساً لجمهورية السودان منذ 30 حزيران 1989، وعبد العزيز بو تفليقة رئيساً للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية منذ 27 نيسان 1999، وإسماعيل عمر جيله رئيساً لجمهورية جيبوتي منذ 8 أيار 1999.
أما موريتانيا فقد تولى مختار ولد داداه الرئاسة حوالي 18 عاماً إلى أن اطيح به في انقلاب عسكري، ومعاوية ولد سيدي أحمد الطايع أمضى حوالي 21 عاماً إلى أن اطيح به أيضاً في انقلاب عسكري، والرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز هو في سدّة الرئاسة منذ 5 آب 2009.
بعد هذا ″التراث العربي″ العريق هل نُعيب عادة التوريث السياسي في لبنان!!!..
على الأقل هناك ظاهرة واحدة إبجابية يتمتع بها لبنان منفرداً بين أقرانه العرب، وهو وجود رؤساء جمهورية سابقون يعيشون في قصورهم ومنازلهم في لبنان بمنتهى الحرّية ودون الخضوع للإقامة الجبرية، ولا يقبعون في السجون والمعتقلات أو يلجئون إلى الخارج.
