غبار العُقد والحصص تحجب الرؤية.. أين الحكومة؟… غسان ريفي

إجتاحت غبار العُقد والتمثيل الوزاري أجواء التفاؤل، فحجبت الرؤية، وضاعت التشكيلة الحكومية في عاصفة الخلافات التي نشطت يوم أمس منذرة بمزيد من الأضرار التي قد تلحق بالتوافق، وتؤخر ولادة الحكومة التي من المفترض أن تنتظر هدوء العاصفة ومعالجة آثارها.

بدا واضحا أن كل الايجابيات التي تم الحديث عنها وكان من المفترض أن تسفر عن ولادة الحكومة اليوم السبت، كانت كلها مصطنعة، حيث عادت المتاريس لترتفع مجددا بين التيارات السياسية التي تمسكت بمطالبها، معتبرة أنها أدت قسطها للعلى من التنازل وتقديم التسهيلات.

أولى بوادر العاصفة بدأت من قصر بعبدا، مع إعلان مصادر مقربة منه بأن ″رئيس الجمهورية ميشال عون لن يتخلى عن حقيبة العدل للقوات اللبنانية، وأنه متمسك بها الى أبعد الحدود لأن المرحلة المقبلة ستكون سمتها مكافحة الفساد، وأن هذه الوزارة المعنية بهذه المعركة يجب ألا تكون في يد أي تيار سياسي″، علما أن مصادر بيت الوسط تقول أن ″الرئيس سعد الحريري لم يقدم عرض العدل للقوات إلا بعد نيله موافقة رئيس الجمهورية″، لكن الوزير جبران باسيل قطع الشك باليقين خلال لقائه مع الحريري حيث أبلغه بأن ″العدل من حصة الرئيس″.

وتشير المعلومات الى أن لقاء الحريري  باسيل إتسم بالسلبية، وقد أوحى باسيل بذلك رغم التفاؤل الذي أظهره، لكنه حاول أن يبرأ ذمته وذمة الرئيس عون والتيار الوطني الحر من أي تعطيل أو عرقلة، فشدد على أننا قدمنا كل التنازلات والتسهيلات لتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع ولا تستثني أحدا.

من قصر بعبدا الى معراب نشطت هذه العاصفة، حيث أبلغ الوزير ملحم رياشي الرئيس المكلف أن القوات لن تشارك في الحكومة إذا لم تحصل على أربعة وزراء من بينهم نائب رئيس الحكومة وحقيبة العدل، وهي إشتدت أكثر فأكثر بين ميرنا الشالوحي وبنشعي، فردّ التيار الوطني الحر على ما أورده رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في برنامج صار الوقت حول تمسكه بوزارة الأشغال، فجاءت الانتقادات البرتقالية من كل حدب وصوب متهمة المردة بـالفشل في إدارة الأشغال، ووزيرها يوسف فنيانوس بـالفساد، في حين سعى الوزير جبران باسيل ومن خلفية شخصية حجب هذه الوزارة عن المردة وعن فنيانوس بالتحديد، مبديا إمكانية التساهل في حال أسندت هذه الحقيبة الى شخص تسميه المردة غير فنيانوس، الأمر الذي يرفضه فرنجية الذي أشار في إطلالته التلفزيونية الى أن الأمر بات يتعلق بالكرامة وبـتكسير الرأس وهذا ما لا نقبل به أبدا.

وفي الوقت الذي كان يظن فيه اللبنانيون أن ما يؤخر ولادة الحكومة هو الخلاف على حقيبتيّ العدل والأشغال فقط، أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليؤكد أن الخلاف أكبر من ذلك، فأدخل الثنائي الشيعي على خط النزاع، مشددا على أن هناك جهات يجب أن تتمثل في الحكومة حفاظا على التوازنات، في إشارة الى تمثيل سنة 8 آذار، وفي إشارة أخرى الى أن الحريري لم يعد بحسب نتائج الانتخابات يمثل السنة بمفرده، ما يفرض عليه إحترام وجود المكونات الأخرى في طائفته وتمثيلها، الأمر الذي أعطى جرعة معنوية للنواب السنة في 8 آذار، حيث أعلن النائب فيصل كرامي باسمهم ومن على قناة المنار أن لا حكومة من دون تمثيلهم.

أمام هذا الواقع، يرى متابعون أن تشكيل الحكومة عاد الى المربع الأول، وأنه يحتاج الى جهود مضنية لتذليل العقبات التي قد تمتد مجددا لفرة طويلة، في حين ترى بعض المصادر المطلعة أن عملية شد الحبال في اللحظات الأخيرة هي طبيعية جدا، وكثير من الحكومات السابقة شهدت عقبات مماثلة، مؤكدة أن النيات الطيبة لا تزال موجودة، وأن لا عودة الى الوراء، لافتة الانتباه الى أن الحل الذي بدأ في العراق بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للمجلس النيابي وبتكليف رئيس للحكومة، لا بد وأن تنسحب إيجابياته على لبنان، مشددة على أن المساعي ستستمر من أجل ولادة الحكومة على التوقيت الصيفي قبل أن يدخل عهد الرئيس ميشال عون عامه الثالث، وإلا فإن رئيس الجمهورية لن يستطيع التحدث الى اللبنانيين بهذه المناسبة.


Post Author: SafirAlChamal