البطالة وفرص العمل الكامنة في طرابلس والشمال.. مؤتمر في نقابة المهندسين

افتتح مؤتمر ″البطالة وفرص العمل الكامنة في طرابلس والشمال″ أعماله في نقابة المهندسين في الشمال، برعاية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ممثلا بالنائب بهية الحريري، ومن تنظيم نقابة المهندسين ولجنة متابعة الإنماء، حضره الى النائب الحريري، وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد كبارة ممثلا بالمهندس ربيع كبارة، النواب سمير الجسر، جوزيف إسحق وعلي درويش، وممثلون عن النواب ديما جمالي، ميشال معوض، هادي حبيش، وليد البعريني، محمد سليمان وطارق المرعبي، الوزراء السابقون ريا الحسن، فادي عبود وحسن منيمنة، وحشد من رؤساء البلديات والهيئات والفاعليات الحزبية والتربوية والإقتصادية.

بداية النشيد الوطني وكلمة تقديم من المهندسة رنا الزعبي، أشارت فيها الى أن ″المؤتمر هو إستكمال للتوصيات الصادرة عن المؤتمر السابق المنعقد في 27 شباط 2016 بعنوان ″التحديات والفرص الإنمائية لطرابلس″ ويهدف الى تسليط الضوء على تدهور الوضع الإقتصادي في لبنان عامة وطرابلس والشمال خاصة″.

ثم تحدثت رئيسة لجنة متابعة الإنماء ربى دالاتي، فأشارت الى هشاشة الوضع الإقتصادي في طرابلس، لافتة الى أن لبنان بأكمله يعاني من هذا التدهور، غير أن التداعيات الإجتماعية نتيجة النسب الأعلى للبطالة والفقر في طرابلس والشمال تستدعي البدء سريعا بوضع خطة إستراتيجية لحل هذه المشاكل، كما تشير معظم الدراسات الى إرتفاع نسبة البطالة بعد النزوح السوري والنسبة الأكبر تتركز في طرابلس.

وتحدث رئيس إتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين، فتوقف عند ما تتمتع به طرابلس عبر التاريخ على مختلف الصعد التجارية والإقتصادية، مشيرا الى أن البلدية تعمل راهنا وبالتعاون مع الجهات المعنية لمعالجة نفايات مدن الفيحاء لتفادي أي ضرر أو كارثة بيئية تطال المدينة ومدن الفيحاء طرابلس والميناء والبداوي والقلمون.

ثم ألقى نقيب المهندسين بسام زيادة كلمة قال فيها: إن لبنان الذي قاوم وصمد في وجه كل الرياح والعواصف منذ 1975، سيقبل التحدي ونأمل أن يكون تأخير تشكيل الحكومة غيمة صيف عابرة، فنحن نثق بأن دولة الرئيس المكلف سعد الحريري يمتلك من القدرات ما يجعلنا نراهن أبدا على النجاح، إن الأنباء عن قرب تشكيل الحكومة هو أمر يتلقفه الشارع باهتمام كبير، ونأمل أن يكون التشكيل سريعا.

وقال: إن مؤتمركم يأتي في وقت عصيب، تشهد فيه عاصمتنا الثانية أزمة غير طبيعية في تراجع حركتها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، لا تقل عن 60 في المئة بأقل الأحوال، وهذا ما يزيد من أزماتنا ولا سيما بالنسبة الى الشباب الذين يتخرجون من الجامعات، وهو ما يراكم عدد العاطلين عن العمل، وخصوصا واننا نسمع عن اقفالات وافلاسات لبعض مؤسساتنا التجارية ومصانعنا، وهذا ما يجب ان يدفع الجميع الى دق جرس الانذار، والتوجه الى الطبقة السياسية، لنقول لها إننا نريد الاستقرار، فمن دونه كلنا بخطر، لاسيما وأن التقارير المالية لم تكن مرتاحة للوضع.

وأضاف:  أعتقد أن أهمية تفعيل الميمات الـ6 بطرابلس والشمال، وموضوع اعادة الاعمار بسوريا، بات من المسلمات التي بامكانها ان تعدنا بالكثير، لكن كل ذلك بات مربوطا بالعملية السياسية في لبنان والمنطقة، ويجب ألا يثنينا ذلك عن ابتداع حلول ظرفية في مقدمها تقديم كل أسباب الدعم للمؤسسات الناشئة الصغيرة والمتوسطة ودعم المبادرات الفردية الشجاعة، ومساندة جودة التعليم في المقدمة، لتكبير وتنويع الاقتصاد القائم، وهذا ما يسهم جديا في حل كبير لمشكلات البطالة وفرص العمل، إن تحديات كبيرة واجهتها دول شرق آسيا والهند، ولكنها اجترحت حلولا رائعة في ما بعد عبر تنويع الاقتصاد والانتقال الى اقتصادات جديدة، جعلتها نمورا حقيقية للنمو في العالم، إن مؤتمرنا يجب أن يضع توصياته في اطار خطة زمنية متدحرجة قابلة للتنفيذ، فليكن مؤتمرنا منصة فعلية للانطلاق.

وختم: أود أن أبارك لسعادة النائب بهية الحريري، بجائزة ميدالية الامتياز ألأميركية للتربية، لأنها أهل للتكريم وأهل للعطاء وصاحبة قلب كبير وهمة عالية، ولا سيما في المواقف الشجاعة.

كما تم عرض فيلم عن قصص نجاح شمالية وفيلم وثائقي عن التحديات والفرص الإنمائية لطرابلس وتسليم دروع تكريمية للمحاضرين.

في الجلسة الأولى، عقدت جلسة بعنوان الخلفية السياسية والقانونية لأزمة البطالة، أدارها عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل الإعلامي منير الحافي، واعتبر فيها النائب سمير الجسر ان ثمة حاجة لمسح شامل للبطالة، مشيرا الى أن “هناك خلفيات قانونية للبطالة وتعطي في الوقت عينه خلفية سياسية منها ما حصل منذ العام 67 يوم القطيعة ومن يومها تدهور اقتصاد طرابلس كما أن الحرب الأهلية ادت الى خروج بعض السكان وانقطاع المحيط عنها ومن ثم توالت الأحداث على طرابلس منذ العام 2008  واستمر ذلك سنوات متتالية، تخلله اقفال مؤسسات تجارية وانتقال أخرى إلى خارج المدينة، ورأى امكان احداث قوانين تدرس الأثر السلبي كما الإيجابي.

ولفت النائب جوزيف اسحق إلى ان الوضع الاقتصادي أصاب فئة كبيرة من الشعب، وكانت الهجرة وتراجع الأوضاع الاقتصادية في الخليج، وأشار إلى ان طرابلس كانت مظلومة في الحرب التي استمرت في المدينة حتى العام 2012 ونتج منها استحداث أسواق خارج المدينة وإقفال المصانع. وقال: واجباتنا اليوم الإشارة إلى حوافز جديدة خاصة لجهة إعادة استقطاب أبناء الأطراف الذين يحبون طرابلس ويرغبون دائما بارتيادها، وأيضا وجب تعديل بعض القوانين لصالح اقتصاد أقوى والتخفيف من البطالة.

ورأى القاضي مروان عبود أن للواقع القانوني دور كبير منها البيروقراطية المتجذرة في دوائر الدولة ومن دولة القانون بقيت شكلا مؤسسات عدة. ولفت إلى أزمة الكشافة في مرفأ طرابلس التي سجلت في وقت سابق، وهي حصلت رغم وجود بطالة كبيرة لتكون المشكلة في طريقة التوظيف، واعتبر ان لا بد من تغيير مبادىء القوانين وطريقة الدخول إلى القطاع العام فيجب تحرير سوق العمل في القطاعين العام والخاص.

ثم عقدت جلسة بعنوان المنظومة التربوية والبطالة ادارها الإعلامي الزميل بسام أبو زيد معرفا بالمحاضرين، وتحدثت فيها النائب بهية الحريري وقالت: ليس جديدا أن أظهر ضعفي وانحيازي للهندسة والمهندسين، لأنني عرفت رجلا كبيرا كان يثق بالهندسة والمهندسين وصنع معهم قصة نجاحه وتشارك معهم في إنقاذ وطنه ورفع أنقاضه وإعادة إعماره وهندس معهم كيفية إستعادة المجتمع اللبناني لوحدته واستقراره وبناء مستقبله، واعتبر التعليم الأساس في عملية البناء والنهوض فحمل شابات وشباب لبنان إلى كل جامعات العالم ليكتسبوا العلوم الحديثة ويعيدوا إلى لبنان صورته البهية التي تألق فيها على مدى ما يزيد على المئة والخمسين عاما حين كان مدرسة هذا الشرق وجامعته منذ بدايات القرن التاسع عشر حتى العام 1975 حين تصدعت الهندسة الاجتماعية الوطنية وكان ما كان وخسر لبنان ميزته التربوية وتراجع التعليم، فكان لا بد من عملية إنقاذية استثنائية تعيد إلى لبنان ما خسره خلال سنوات النزاع الطويلة.

أضافت: إن الإشكالية التي يقاربها هذا المؤتمر حول البطالة وسوق العمل والفرص الكامنة هي ليست مسألة ظرفية من حيث المفهوم لأننا لو راجعنا التقارير العالمية حول مسألة البطالة لوجدنا أن كل تقدم علمي وتكنولوجي وصناعي واقتصادي يحدث بطالة ويستحدث فرص عمل مما جعل الدول المتقدمة تعتبر قياس البطالة مؤشرا علميا على النمو والتقدم أو الجمود والتراجع، واعتبار البطالة أمرا مستداما، أما عندما نتحدث عن مجتمعاتنا فالبطالة لها أسباب متعددة وارتباطها بالتعليم أيضا لا بد من توضيحه لأن التعليم في لبنان وارتباطه بسوق العمل لم يكن خاضعا ومنذ عقود طويلة لضرورات سوق العمل اللبناني، بل كان لسنوات وسنوات اتجاه التعليم مرتبطا بأسواق العمل المجاورة وأسواق العمل العالمية، ولا أعرف إن كانت هذه ميزة لبنانية أو أزمة لبنانية ومع إنكفاء أو تراجع أسواق العمل الخارجية من الطبيعي أن ترتفع نسبة البطالة في لبنان.

وختمت الحريري: أتمنى أن نجعل من مؤتمر نقابة المهندسين في طرابلس والشمال حول أزمة البطالة وسوق العمل المؤتمر القطاعي الأول، على أن نشهد في الأسابيع القادمة مؤتمرات واجتماعات قطاعية في كل مجال ومؤتمرات متخصصة داخل نقابة المهندسين من قطاعاتها وعلى تنوع اختصاصاتها ليكون لدينا بشكل دوري ودائم تحديد واقع القطاع في طرابلس والشمال وتحدياته وآفاقه.

ثم تحدث الوزير السابق حسن منيمنة فتوقف عند الصلة بين البطالة والتعليم، وقال: لا تنمية دائمة ومستدامة ولا اقتصاد حقيقيا مستداما إلا بنهوض تعليمي، متوقفا عند أهمية التعليم الرسمي وانعكاسه على التنمية وخصوصا في المناطق الريفية الأمر الذي من شأنه إحداث متغيرات إقتصادية، فلا اقتصاد في البلد من دون تطوير التعليم الرسمي بصورة خاصة متوقفا عند التعليم في ثلاث دول أسيوية هي سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية وكيف تمكنوا من الخروج من نتائج الحرب العالمية الثانية الى مجتمعات متقدمة بفضل أساليب التعليم والتوجه نحو معالجة الأمور الإجتماعية وفي مقدمتها النفايات والبطالة والفساد ومن ثم التركيز على النهوض التعليمي.

من جهته تناول الخبير أديب نعمة أهمية دور التعليم والتربية والمعرفة، مشيرا الى أن لبنان يفتقد الى المشروع الرؤيوي النهضوي الذي من الصعب أن نتوقع أي تقدم باستمرار غيابه”. ورأى أن أي تقدم في النظام التعليمي يحتاج الى إصلاح حتى نتمكن من عدم إستيراد القوى العاملة من الخارج ومعالجة البطالة بشكل حقيقي وإنقاذ الإقتصاد اللبناني، وطرابلس بإمكانها ان تشكل فرصة حقيقية لإنقاذ الإقتصاد اللبناني بأسره.

Post Author: SafirAlChamal