ما هي الخطوط الحمراء التي تؤخر ولادة الحكومة؟… غسان ريفي

بالرغم من كل التفاؤل الذي يجتاح لبنان بأن ولادة الحكومة العتيدة ستكون قبل نهاية الاسبوع الحالي، فإن العقد الأساسية ما تزال تنتظر مزيدا من الايجابية والتنازلات من أجل الوصول الى صيغة حكومية وطنية تسهّل إخراج الحكومة الى النور، حيث أن بعض هذه العقد توقفت عند خطوط حمراء رسمتها التيارات السياسية المتنازعة على الحصص الوزارية ولا تريد تجاوزها كونها تعتبر بأن ذلك بات بمثابة ″تكسير رأس″ لا تقبل به.

تشير المعطيات الى أنه مع حل ما كان يسمى بالعقدة الدرزية بتسمية رئيس الجمهورية شخصية على مسافة واحدة من الجميع، فإن حقيبتي العدل والأشغال دخلتا على خط تأخير الولادة، إضافة الى ما طرأ على صعيد الأحزاب الأرمنية التي طالبت بتمثيل الطائفة بوزيرين.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه مطلعون أن العقدة الأرمنية المستجدة ليست مستعصية ويمكن إيجاد حل سريع لها، عادت عقدة إسناد حقيبة وزارة العدل الى القوات اللبنانية الى الواجهة، حيث تشير المعلومات الى أن الرئيس سعد الحريري قدم عرضا رسميا الى القوات بعد موافقة الرئيس ميشال عون عليه، يتضمن نيابة رئاسة الحكومة من دون حقيبة، ووزارات العدل، والشؤون الاجتماعية والثقافة، لكن القوات حاولت الحصول على المزيد إنطلاقا من قناعتها بأن الرئيس المكلف يريد إرضائها، وذلك باستبدال الثقافة بوزارة دسمة أو خدماتية، لكن ما لم يكن في حسبانها هو تراجع رئيس الجمهورية عن العرض وتمسكه مجددا بوزارة العدل، حيث أصبح العرض يتضمن نيابة الرئيس مع وزارات العمل والشؤون والثقافة، لكن القوات رفضت ذلك، معتبرة أن حصولها على العدل بات خطا أحمر، الأمر الذي سيتطلب مزيدا من المشاورات لاقناع الرئيس عون بالتخلي مجددا عن العدل التي تعتبر حقيبة معنوية للقوات أكثر منها أساسية، في وقت آثرت فيه القوات عدم المطالبة بوزارة الأشغال درءا لأي خلاف قد يحصل مع المردة عشية اللقاء المرتقب بين الدكتور سمير جعجع والوزير سليمان فرنجية.  

هذا من جهة القوات، أما في ما يخص عقدة المردة فيبدو أن الأزمة شخصية بين التيار الوطني الحر وبين بنشعي عموما، وبين الوزير جبران باسيل والوزير يوسف فنيانوس على وجه الخصوص، حيث أن باسيل يصرّ على عدم إسناد الأشغال الى المردة والى فنيانوس تحديدا، خصوصا بعدما ورّط نفسه بمواقف تتهم فنيانوس بالفشل، وبعدم وجود أي خطة لديه على صعيد الأشغال، ما يجعله محرجا أمام تياره وأنصاره، لذلك فقد بذل باسيل جهدا كبيرا في إقناع حزب الله باسناد حقيبة الأشغال له، وبالتخلي عن حقيبة الصحة لمصلحة المردة، الأمر الذي رفضه الحزب الملتزم مع المردة باسناد الأشغال الى التكتل الوطني، وقد كان لفرنجية موقف واضح من هذا الرفض أمس في برنامج صار الوقت، حيث أكد أن خطة النقل جرى تقديمها الى مجلس الوزراء منذ نحو سنة ونصف السنة، وقد تم تحويلها الى مجلس الانماء والاعمار الذي ينتظر إيجاد التمويل لها، سائلا ماذا فعلت وزارة الطاقة والمياه وأين إنجازاتها على صعيد تأمين الكهرباء والمياه، ليخلص الى القول المأثور: اللي بيته من زجاج لا يراشق الناس بالحجارة، ومشددا في الوقت نفسه على أن المردة لن تدخل الحكومة بدون وزارة الأشغال.

في غضون ذلك يبدو أن محاولة إستئثار الرئيس سعد الحريري بالحصة السنية بمفرده، بدأ يضغط عليه، في ظل التصعيد من قبل النواب السنة في 8 آذار الذين هددوا بحجب الثقة عن الحكومة في حال لم يصر الى تمثيلهم، معتبرين أن غيابهم عن الحكومة يجعلها بتراء وليست حكومة وحدة وطنية، فضلا عن الضغط الذي يواجهه الحريري في كيفية التعاطي مع كتلة الوسط المستقل، وهو إذا كان يعتبر أن الاطار الذي يجمع النواب السنة غير شرعي كونهم ينتمون الى تكتلات نيابية جرى تمثيلها في الحكومة، فإن كتلة الرئيس نجيب ميقاتي هي كتلة أساسية، مستقلة ومتنوعة وتمثل نصف نواب طرابلس، ما يعني أن عدم تمثيلها سيكون بمثابة ضرب للتوازنات والمعايير، وجحود من الحريري تجاه كل ما قدمه الرئيس ميقاتي له منذ تكليفه، وإستهتار من قبله بـحصة طرابلس العاصمة الثانية في حكومته.

يقول مطلعون: إن العودة الى الوراء على صعيد تشكيل الحكومة باتت صعبة، إلا في حال حصول تطورات دراماتيكية قد تطيح بكل التفاؤل الحاصل، لكن الأمور ما تزال تحتاج الى بعض الوقت ربما يمتد الى الاسبوع المقبل، والى مزيد من التنازلات لمصلحة البلد ولمصلحة العهد، ولمصلحة الحكومة التي برأي الأكثرية يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية فعلا، وليس قولا..


Post Author: SafirAlChamal