هل يُغامر الحريري بتشكيل حكومة تكشفه سياسياً وسنّياً؟… عبد الكافي الصمد

بينما تسود أجواء تفاؤل بولادة الحكومة هذا الأسبوع، بعد تسارع حركة الإتصالات التي أجراها الرئيس المكلف سعد الحريري على وقع تقديم فرقاء رئيسيين بتأليف الحكومة تنازلات لهذه الغاية، يبدي البعض مخاوف من أن يُقدم الحريري على تقديم تشكيلة حكومية تحمل في طيّاتها بذور أزمات سياسية عدة يرجّح أن تنفجر في وجهه منذ الأيام الأولى لولادتها.

وتعود مخاوف هؤلاء من أن الحريري لا يُبدي معارضة في تقديم تنازلات لحليفه الجديد رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل في سبيل ولادة الحكومة، وهي تنازلات يرى فيها خصوم زعيم التيار البرتقالي تعزيزاً لسلطته ونفوذه على حسابهم، واتهامه بانه يسعى لكي يحجّمهم من أجل وضع يده على مفاصل رئيسية في الدولة، وتهيئة الأجواء منذ اليوم كي يضمن خوض معركة رئاسة الجمهورية بعد 4 سنوات بارتياح.

وإذا كان الحريري يبرر توافقه مع باسيل، وضمناً مع رئيس الجمهورية ميشال عون، بأنه يأتي ضمن ″الإتفاق الرئاسي″ الذي عُقد بين الحريري وعون قبل نحو سنتين وأفضى بمجيء عون رئيساً للجمهورية على أن يكون الحريري رئيساً للحكومة طيلة عهده، وأن الأخير مدين لعون بحياته لأنه أسهم، مع الفرنسيين، بإخراجه من السعودية بعد اعتقاله قسرياً فيها، فإن كل ذلك لا يبرر برأي معارضين التنازلات غير المقبولة التي يُقدم عليها الحريري في ما يخصّ تشكيل الحكومة.

ويأتي على رأس هؤلاء المعارضين القوات اللبنانية وتيار المردة، وهما أبرز حزبين على الساحة المسيحية بعد التيار الوطني الحر، إذ يرتبان لإنجاز تفاهم بينهما سوف يتوج قريباً بلقاء رئيسي الحزبين سمير جعجع وسليمان فرنجية، برغم العداوات الشخصية التاريخية بينهما وتضارب الخيارات السياسية لكليهما، لكن ″العداء″ السياسي لباسيل جمعهما، وهما لن يتوانيان عن ″أخذ″ موقف من الحريري الذي يكاد يعطي باسيل، تقريباً، كل ما يريده مسيحياً.

ومن معارضي تنازل الحريري لباسيل رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي لم تركب الكيمياء بينه وبين زعيم التيار الوطني الحرّ لأسباب سياسية وشخصية، ما يعني أن جبهة واسعة سوف تصطف في وجه الحريري داخل مجلس الوزراء مستقبلاّ، قد يجد نفسه وحيداً في مواجهتها، سوف يكون عمادها وزراء حركة أمل والقوات والمردة، لن يكون وزراء حزب الله بعيدين عنها وفي أحسن الأحوال سيكونون على الحياد، ما سيجعل الحريري يعاني كثيراً داخل مجلس الوزراء في كل جلسة منتظرة.

أما خارج مجلس الوزراء فإن معاناة الحريري لن تكون أقل، ذلك أنها ستكون داخل طائفته السنّية التي يستأثر بتمثيلها ويحتكره حكومياً، ومعارضوه فيها سوف يكونون أشد هجوماً عليه وانتقاداً له، لأنه برأيهم يُقدم على تنازلات تأتي على حساب رئاسة مجلس الوزراء وهو المقام الأول للطائفة السنّية في الدولة اللبنانية، ولأنه أيضاً رفض بشدّة مشاركة 10 نواب سنّة فازوا في الإنتخابات النيابية الأخيرة مشاركته تمثيل الطائفة في الحكومة، لأنه يعتبر أن ″زعامته″ وهيبته تقومان على انفراده بتمثيل السنّة سياسياً في الحكومة، برغم أن الواقع يشير إلى عكس ذلك وفق ما أكدته نتائج الإنتخابات النيابية، التي أفزرت كتلة ناخبة لا تقل عن 45 % صبّت أصواتها في صناديق الإقتراع خلافاً لرغبة الحريري وتيّاره الأزرق.


Post Author: SafirAlChamal