لهذه الأسباب ستبصر الحكومة النور… غسان ريفي

كل المعطيات السياسية تشير الى أن جرس تشكيل الحكومة بدأ يُقرع، بانتظار تصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا، حيث يشير متابعون الى أن التأليف سيكون على التوقيت الصيفي، أي قبل 27 تشرين الأول الجاري موعد بدء العمل بالتوقيت الشتوي، أي أن الاسبوع الأخير من السبت المقبل الى السبت الذي يليه، سيكون حاسما ومن المفترض أن يسفر عن ولادة الحكومة العتيدة بعد نحو خمسة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري في 24 أيار الماضي.

أجواء التفاؤل مستمرة على وقع اللقاءات الايجابية التي يعقدها الرئيسان ميشال عون في قصر بعبدا، وسعد الحريري في بيت الوسط، حيث تشير المعلومات الى أن الرئيسين يصران على التأليف مستفيدين من التنازلات الجدية لأول مرة من بعض الأطراف السياسية، ومن اللحظة الدولية والاقليمية التي قد لا تتعوض، ويمكن من خلالها ″تهريب″ الحكومة من دون أية عراقيل خارجية.

كثيرة هي التطورات التي من شأنها أن تساعد في تشكيل الحكومة التي تقول مصادر سياسية مطلعة أنها باتت تحتاج الى أيام قليلة.

على الصعيد الدولي والاقليمي، إنشغال إيران بالعقوبات التي تهدد الولايات المتحدة الأميركية بفرضها عليها، والارباك الكبير الذي يسيطر على المملكة العربية السعودية على خلفية إختفاء أو مقتل الصحافي جمال الخاشقجي، والدفع الفرنسي الجدي باتجاه التأليف السريع والذي ترجم خلال اللقاء بين الرئيسين عون وماكرون على هامش القمة الفرنكوفونية في يريفان، فضلا عن الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي والتهديد المستمر بتطيير مقررات مؤتمر سيدر الذي لم يعد لبنان قادرا على الاستمرار من دون القروض التي أقرها، وهي لا يمكن أن تصرف من دون حكومة ومن دون الاصلاحات المطلوبة.

أما على الصعيد المحلي، فقد بات واضحا أن رئيس الجمهورية ميشال عون يريد أن يبدأ سنته الرئاسية الثالثة بوجود حكومة ليتمكن من مخاطبة اللبنانيين ورسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة، إضافة الى خشية الرئيس الحريري من تآكل رصيده السياسي في ظل المراوحة التي كانت مسيطرة، وإضطراره لسبب أو لآخر الى الاعتذار، خصوصا بعدما ورّط نفسه بموقف عدم قبول التكليف مجددا في حال الاعتذار، وهو أمر  برفضه ضمنا كونه بأمس الحاجة لأن يكون في سدة الرئاسة الثالثة، والتوتر الذي أخذ يتصاعد في الشارع المسيحي بين أنصار التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والذي إنفجر إشكالات في أكثر من منطقة، والخوف من أن يصل الى ما لا يحمد عقباه، والصعوبات الاقتصادية التي بدأت تهدد البلد برمته بالانهيار والرعب من إهتزاز الليرة اللبنانية، وفقدان ثقة اللبنانيين بالسلطة الحاكمة بكل أطيافها، وكذلك الاشكالات الأمنية المتنامية في كل المناطق التي يشهد بعضها حالات فلتان، والأهم من كل ذلك رغبة حزب الله بتشكيل الحكومة سريعا قبل صدور العقوبات بحقه من الادارة الأميركية، والتي في حال صدورها سيكون على لبنان أن يتحمل تبعات مشاركة الحزب في الحكومة.

أمام هذا الواقع، إنطلقت عجلة المشاورات والتنازلات، ودخل الجميع الى المربع الأخير قبل إخراج الحكومة الى الضوء، حيث بدأت الأطراف المعنية لعبة شد حبال من أجل تحسين شروطها وتمثيلها على طاولة مجلس الوزراء، سواء بما يعرف بالعقدة المسيحية، حيث بات حصول القوات على أربع وزراء من بينهم نائب رئيس الحكومة أمرا واقعا، الى جانب عشرة وزراء لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، في وقت يستمر فيه النزاع بين الطرفين على وزارة العدل التي يحتاجها كل منهما لأسباب خاصة، إضافة الى حقيبة واحدة لتيار المردة من المفترض أن تكون “الأشغال” والتي تشير المعلومات الى تدخل حزب الله مع الوزير جبران باسيل لصرف النظر عنها.

أما العقدة الدرزية فأصبحت بما يخص الوزير الدرزي الثالث في عهدة رئيس الجمهورية الذي سيسمي واحدا من الأسماء التي قدمت له سواء من طلال أرسلان أو من وليد جنبلاط الذي وافق على وزيرين درزيين وآخر مسيحي..

ليس مستغربا أن تشهد الساعات المقبلة بعض التصعيد الاضافي على خلفية النزاع على بعض الوزارات العالقة، فضلا عن الضغط الذي يمكن أن يُمارس على الرئيس الحريري لعدم الاستئثار بالحصة السنية، ومطالبته بالوفاء بوعود التوزير التي قطعها على نفسه خلال فترة الانتخابات النيابية، وما أكثرها!..


Post Author: SafirAlChamal