القمّة العربية وعودة سوريا تفرضان تأليف الحكومة؟… عبد الكافي الصمد

إنقضى أكثر من نصف المهلة الزمنية، وهي 10 أيام، التي أعطاها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خلال إطلالته التلفزيونية يوم الخميس الماضي، لتأليف الحكومة، وليس هناك أي بارقة أمل تشير إلى أن الأيام القليلة المتبقية يحتمل أن تشهد معجزة ما تجعل من ″نبوءة″ الحريري تتحقق.

غير أن ثمّة مؤشرات ظهرت في الساعات الـ48 الماضية، أعطت إنطباعات إيجابية عن أن مساعي تجاوز العراقيل والعقد التي اعترضت تأليف الحكومة قد أثمرت، وأن ″تنازلات″ من هنا وهناك أقدم عليها أطراف فاعلة، أسهمت في دفع مساعي التأليف قدماً إلى الأمام، ولو بعد مهلة الأيام العشرة.

آخر هذه المؤشرات الإيجابية تمثلت في ظهور ″حلحلة″ للعقدة الدرزية، وهي إحدى العقد الرئيسية التي تعترض تأليف الحكومة إلى جانب العقدتين المسيحية والسنّية، إذ توقف كثيرون عند المرونة اللافتة التي أبداها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، عندما غرّد أول من أمس على حسابه على تويتر قائلاً: ″كفى بناء قصور من ورق. إن ‏الظروف لا تسمح بهذا الترف وعدّاد الدّين يزداد في كلّ لحظة نتيجة الهدر والفساد وتراكم الدين والصرف العشوائي. ما من أحد أو مؤتمر لينقذنا. التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن″.

دعوة جنبلاط إلى تسوية وأن لا عيب في التنازل، بعدما دعا إلى التعاطي بإيجابية مع الموقف الأخير لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من “معياره” بتشكيل الحكومة، جعل أوساطاً سياسية ترى في مواقف جنبلاط معالم حلحلة ما آتية، وأنه بفضل أنتيناته العالية إلتقط إشارات تدل على متغيرات ستشهدها المرحلة المقبلة في هذا الإتجاه، ففضّل أن يكون أول المتنازلين لا آخرهم، وأن يظهر كمنقذ وليس كمعرقل.

موقف جنبلاط الجديد قرأه النائب جميل السيد ضمن هذا الإطار، إذ سرعان ما علق عليه بقوله: جنبلاط: التسوية الحكومية ضرورية ويجب التنازل ‏للوطن! كان قبلها رافضاً لأيّ تنازل، شو صار؟!. وأضاف: جنبلاط ساير التمنيات السعودية برفع السعر مع جعجع لتأخير الحكومة ‏بانتظار تطورات سلبية تطال إيران وسورية! هو قارئ جيد، منذ أسبوعين لليوم تأكّد له أنّ الموقف على عكس التوقّعات، عسى ‏أن يفهم جعجع.

كما أن التطورات الإيجابية بما يتعلق بحلّ مشكلة عقدة التمثيل الدرزي في الحكومة سرعان ما تدحرجت مثل كرة الثلج، إذ سارع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب  طلال إرسلان أمس إلى ملاقاة جنبلاط في منتصف الطريق، بتأكيده أنه كما الآخرين اعتبروا أن مصلحة الوطن تقتضي التضحية من أجل تسهيل تأليف الحكومة العتيدة، نحن نقبل أن نسمي خمسة أسماء لفخامة الرئيس ميشال عون، على أن يتم تسمية أحدهم من قبله، بالتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي نعتبره أيضاً غيوراً على مصلحة الدروز والعيش المشترك وقدسيته في الجبل.

حلّ عقدة ما يعني أن باقي العقد في طريقها إلى الحلّ، وأنه كما تنازل جنبلاط وإرسلان من أجل معالجة الأزمة الدرزية فإن على القوى المسيحية الإقدام على تنازل مماثل، وكذلك على الحريري فعل الأمر ذاته بما يتعلق بالأزمة السنّية، إذ عندها فقط يمكن القول إن تأليف الحكومة قد وضع على السكّة الصحيحة.

لكن ما الذي تغيّر حتى جعل التنازل والتضحية ومصلحة الوطن عوامل يأخذ بها فرقاء السياسة في لبنان بهدف تسهيل تأليف الحكومة، ولما لم يفعلوا ذلك منذ الأيام الأولى لتكليف الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي، والتوفير على لبنان تكلفة الفراغ السياسي والإقتصادي التي امتدت نحو أربعة أشهر ونصف؟.

أحد ابرز الأسباب هو إنعقاد القمّة العربية التنموية – ‏الإقتصادية والإجتماعية التي ستنعقد دورتُها الرابعة في بيروت في 19 ـ 20 كانون الثاني المقبل، والتي بدأ وزير الخارجية جبران باسيل القيام بجولة على الدول العربية من أجل دعوتها لحضور تلك القمة، ما يستدعي وجود الحكومة قبل ذلك الموعد بهدف التحضير للقمة، ولأن سوريا من المفترض كدولة عربية أن تدعى الى القمة، ما يمكن أن يشكل تمهيداً لعودتها إلى حضن الجامعة العربية من بوابة لبنان، ويعني ذلك بشكل أو بآخر عودة حضورها في لبنان، وعودتها إلى الحضور العربي، وهي عودة  كان جنبلاط أسرع من غيره من معارضيها، كما يبدو، بقراءتها وتلقفها.


Post Author: SafirAlChamal