الحكومة أسيرة حرب التيار والقوات.. والحريري بين نارين … غسان ريفي

خمسة أيام وتنقضي المهلة التي حددها الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة، في وقت تنقسم فيه القيادات السياسية في لبنان بين متفائل بقدرة الحريري على تحقيق هذا الانجاز بعد عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أرمينيا، وبين متشائم يرى أن الأمور عادت الى المربع الأول، وأن كل ما يحصل هو مجرد مراوحة لا طائل منها، وبالتالي فإن الحكومة ما تزال في علم الغيب.

يبدو واضحا أن الحريري بدأ يدفع من رصيده ثمن الحرب الباردة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وعبثا حاول في مقابلته التلفزيونية إشاعة أجواء إيجابية، ومحاولته إرضاء القوات بأنه مستعد أن يعطيها من ″كيسه″، وتشكيله خط دفاع أول عن التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، وصولا الى إعتبار أن رئيس الجمهورية ″ضمانته″ في دعوة مبطنه له للتنازل ودفع باسيل نحو تنازل مماثل، لأن ذلك من شأنه أن يساعد في تسريع الولادة الحكومية، لكن الرد الباسيلي جاء سريعا في المؤتمر الصحافي لينسف كل تفاؤل الحريري.

تقول مصادر مطلعة: إن الحكومة قد تبصر النور بـكبسة زر في حال لبى الطرفان المسيحيان دعوة رئيس الحكومة المكلف للتضحية وتقديم التنازلات، وهي ربما تبقى معلقة الى ما شاء الله في حال أصرّ كل فريق على موقفه وإستمرا في حربهما السياسية الطاحنة، خصوصا من جهة الوزير باسيل الذي قلّص حصة القوات في مؤتمره الصحافي الى ثلاثة وزراء فقط، عندما أصرّ على إعطاء كل خمسة نواب وزيرا واحدا.

تشير مصادر قواتية الى أن “باسيل بدل أن يستهدف القوات بطرحه، إستهدف نفسه وتياره من دون أن يدري، حيث أن طرحه لا يمكّنه من الحصول سوى على خمسة أو ستة وزراء على الأكثر (29 نائبا)، إضافة الى ثلاثة وزراء لرئيس الجمهورية، ما يعني أن الحصة الكاملة للتيار مع رئيس الجمهورية هي تسعة وزراء فقط، وإذا أضيف وزير من تيار المردة يصبح العدد مع القوات 13 وزيرا، ما يتيح المجال أمام تمثيل تيارات مسيحية أخرى بوزيرين.

وتقول المصادر القواتية: كل ما يحصل حتى الآن هو مجرد ضخ إعلامي، فلا معطيات جديدة، ولا طروحات جدية، ولم يصلنا حتى الآن أي عرض رسمي حول الحصة القواتية في التشكيلة الحكومية، علما أننا نرفض منصب نائب رئيس الحكومة من دون حقيبة، ونرفض طرح باسيل الذي يحاول إضعاف القوات وتقليص حجم تمثيلها، لذلك فإننا عدنا الى المربع الأول الذي إنطلقنا منه، وهو أننا نريد خمسة وزراء، لأن هذا هو حجمنا الذي من المفترض أن يعترف به الجميع.

أمام هذا الواقع المتأزم يقف الرئيس سعد الحريري أمام طريق مسدود، وبين ناريّ حزبين مسيحيين لا يريد الأول أن يعترف بحجم الثاني، ولا يريد الثاني أن يتنازل للأول، فيما الرئيس الحريري غير قادر على إثارة حفيظة التيار الوطني الحر حرصا على التسوية الرئاسية التي من شأنها أن تبقيه في رئاسة الحكومة، وهو غير قادر أيضا على إغضاب القوات اللبنانية أو دفعها لتكون خارج الحكومة كونه يحتاج الى وجودها الى جانبه كممثل لقوى 14 آذار التي تريد السعودية أن يكون لديها حضورا وازنا في الحكومة لدعم رئيسها والحفاظ على التوازن السياسي داخلها.

كل ذلك يشير الى أنه بعد الانفراج الذي شهده العراق، والمرونة التي أظهرها النائب السابق وليد جنبلاط حول الحصة الدرزية، يبقى تشكيل الحكومة في لبنان رهنا بمزاجية جبران باسيل حول توزيع الحصص المسيحية، أو بتنازل مفاجئ للقوات ما يزال حتى الآن بعيد المنال، في وقت وضع فيه الرئيس الحريري رصيده على محك الأيام العشرة، وبدأت فيه صورة العهد تتآكل على بعد أيام من دخوله عامه الثالث.


Post Author: SafirAlChamal