هل ورّط الحريري نفسه بوعد ″الأيّام العشرة″؟… عبد الكافي الصمد

عندما أطلّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية يوم الخميس الماضي، أعلن عن تفاؤل كبير بدنو ولادة حكومته، بعد مرور قرابة أربعة أشهر ونصف على تكليفه في 24 أيار الماضي، إلى حدّ أنه أعطى مهلة أيام قليلة لهذا الغرض.

ففي أكبر موجة تفاؤل باقتراب تشكيله حكومته منذ تكليفه، أعرب الحريري عن إرتياحه، إلى حدّ أنه قال إنه في غضون أسبوع إلى عشرة أيام على الأكثر ستكون الحكومة جاهزة، وسيعلن عن تشكيلتها، بعد أن يكون قد قام بتذليل العقد الأخيرة التي ما تزال تعترضه.

لكن لم تكد تمرّ ساعات قليلة على تفاؤل الحريري حتى كانت مواقف سياسية تخرج من هنا وهناك، يبدي أصحابها إعتراضات حادّة على ″معيار″ تشكيل الحكومة وحصته فيها ونوعية الحقائب التي يرجح حصوله عليها، ما دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى إبداء تشاؤم حيال ولادة الحكومة قريباً، معتبراً أن الأمور قد عادت إلى نقطة الصفر.

أبرز المواقف المعترضة جاءت من رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، الذي أعلن بشدّة رفضه إعطاء القوات اللبنانية ما تراه حقاً مكتسباً لها في التشكيلة الحكومية، وتمسك القوات بهذه الحصّة (خمسة حقائب أو أربعة إذا كان بينهم نائب رئيس الحكومة)، فضلاً عن تحفظ الحزب التقدمي الإشتراكي على الوزير الدرزي الثالث في الحكومة الثلاثينية، وفي رفع النواب السنّة المستقلين الـ10 خارج تيار المستقبل ″منسوب″ حملتهم على الحريري، الذي ما يزال يُصرّ على إبعادهم عن التمثل داخل الحكومة.

هذه الأجواء جعلت تفاؤل الحريري يتلاشى، إذ بعد مرور نصف المهلة التي أعطاها، وهي خمسة أيام، تبين أن المراوحة ما تزال سيدة الموقف وأن الجمود ما يزال العامل المسيطر على الحركة السياسية، في ظلّ إنطباعات أوحت أن مهلة الأيام العشرة التي أعطاها الحريري ستمرّ كما مرّت الأيام السابقة منذ تكليفه.

كلّ ذلك دفع مراقبين لطرح تساؤلات عديدة، أبرزها: على أي أساس أعطى الحريري مهلة الأيام العشرة؟، وهل كان يملك معطيات عن أن حكومته ستولد خلالها وهو ما لم يتحقق؟، أم أن ما قاله كان مجرد أمنيات سرعان ما تبخرت؟، وهل تورط الحريري في معلومات غير دقيقة أوهمته باقتراب ولادة الحكومة؟، أم أن هناك من ورطه؟، وكيف سيخرج الرئيس المكلف منها؟، وهل يعلم أنه بذلك يخسر المزيد من دوره، ويعرض مقام الرئاسة الثالثة للمزيد من التآكل والإهتراء السياسي؟.

ثلاثة عشر عاماً مضت على دخول الحريري معترك الحياة السياسية في لبنان، وهي فترة زمنية تعتبر كافية أكثر من اللزوم لتكون معمودية النار بالنسبة له من أجل إثراء تجربته في الحكم، لكنه ما يزال بممارساته يثبت أنه بحاجة إلى مزيد من الخبرة السياسية، وأن يستعين على قضاء ″حوائجه″ السياسية بالكتمان، وأن ″لا يقول فول إلا عندما يراه في المكيول″.


Post Author: SafirAlChamal