تشكيل الحكومة: غطّ التفاؤل طار التفاؤل…عبد الكافي الصمد

بدد رئيس الحكومة سعد الحريري، في إطلالته التلفزيونية على محطة ″إم. تي. في″ مساء أول من أمس الخميس في مستهل برنامج ″صار الوقت″، التفاؤل الذي ساد في لبنان قبل 48 ساعة من مقابلته، بعدما اشاع أجواء إيجابية عن إمكانية تأليف الحكومة، اثر مرور أكثر من أربعة أشهر ونيّف على تكليفه تأليفها في 24 أيار الماضي.

 فبعد التفاؤل باقتراب إنفراج الأزمة الحكومية إثر التسوية السّياسية التي حصلت في العراق يوم الثلاثاء الماضي، واعتقاد كثيرين أن هذا الإنفراج سيمتد إلى لبنان بعد توصل أطراف الصراع الفاعلة في البلدين، أميركا والسعودية وإيران، إلى تسوية، عادت الأمور بعد كلام الحريري إلى نقطة الصفر، ما طرح تساؤلات حول الأسباب، وهل أن التفاؤل المذكور كان سراباً.

لا أجوبة واضحة على تساؤلات كثيرة طرحت في هذا السياق، أبرزها هل أن كلمة السرّ في ما يتعلق بحل الأزمة الحكومية في لبنان لم تصل بعد؟، أم أنها وصلت ولم يحسن البعض فكّ شيفرتها السرّية؟، وهل أن أطرافاً أخرى غير الثلاثي: أميركا والسعودية وإيران، لها كلمة في لبنان وتريد أن تشارك في التسوية فيه ما فرض تأخيرها؟، وهل أن التسوية في العراق مختلفة عن التسوية في لبنان؟، وهي إما منفصلة عنها ولا رابط بينهما أو أن التسوية في لبنان تحتاج إلى بعض الرتوش قبل أن تبصر النور؟، وهل أن مهلة الأيام العشرة التي أعطاها الحريري لولادة حكومته هي جدّية أم مجرد آمال لا تستند إلى وقائع؟.

هذا الغموض زاد منه كلام الحريري التلفزيوني الذي لم يأت بجديد، سوى قوله إنه مستعد للتضحية من أجل ولادة الحكومة وإنقاذ البلد، إلى درجة أن كلمة تضحية كررها مراراً في حديثه، قبل أن يتبين أن هذه التضحية لها مفهوم آخر عنده، ويترتب عليها نتائج إتضح أنها أفرغتها من مضمونها، وجعلتها مجرد شعار للإستهلاك السّياسي والإعلامي فقط.

فعلى الرغم من أن الحريري أعلن أنه مستعد للتضحية والتنازل من كيسه للتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي من أجل تأليف الحكومة، جاءه الرد عكس ما يأمل، وبدوا وكأنهم غير ممنونين له تضحياته وتنازلاته لهم.

رئيس التيار الوطني الحريري الوزير جبران باسيل ردّ سريعاً على كلام الحريري بقوله إن حكومة الوحدة تستحق الإنتظار والتضحيات، لكن ليس إلى درجة الإبتزاز لفرض أمور غير منطقية أو لتفشيل العهد، معتبراً أن حكومة الوحدة الوطنية هي إنعكاس للمجلس النيابي، ولا يمكن أن تكون على معيار إستنسابي، موضحاً أن واجباتنا كأكبر تكتل نيابي أن نطالب بمعيار واحد، ما يؤمن سلاسة تأليف الحكومة، وهذا المعيار هو معيار العدالة، وهي عدالة رأت القوات اللبنانية أنها لا تستقيم إلا بحصولها على ثلث حقائب المسيحيين في الحكومة، بعدما حازت في الإنتخابات النيابية على ثلث أصوات المسيحيين.

 غير أن المفاجىء أن الحريري الذي أبدى إستعداده للتنازل والتضحية أمام مختلف الفرقاء في سبيل تسهيل تأليف الحكومة، لم يغصّ إلا بالتضحية والتنازل للنواب السنّة العشرة الذين فازوا في الإنتخابات خارج تياره الأزرق، والذين سمّاه 8 منهم لتأليف الحكومة، ما دفعهم للخروج عليه أمس بمواقف وتصريحات منتقدة ولاذعة “تبشّره” بأنه لن ينعم براحة في الشارع السنّي خلال المرحلة المقبلة.

 النائب فيصل كرامي علق أن خلاصة الحلقة التلفزيونية كانت أن الرئيس سعد الحريري مستعد للتضحية أمام رئيس الجمهورية والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الإشتراكي وحركة أمل وحزب الله، أما الطائفة السنّية: فأنا أو لا أحد.

 أما النائب عبد الرحيم مراد فرأى أن الحريري يناقض نفسه، فمن جهة يدعو لتأليف حكومة إنطلاقًا من نتائج الإنتخابات النيابية ، وفي الوقت عينه يرفض مشاركة النواب السنّة المستقلين فيها”، معتبراً أنه “يفترض أن تكسر حصرية التمثيل السنّي لتيار المستقبل؛ فهذا ضدّ الميثاقية والقانون.

بدوره، ردّ النائب جهاد الصمد على الحريري بأن النواب السنّة المستقلين منتخبين وليس هو من يعطيهم الشرعية، مؤكداً أنه نحن موجودين في الحياة السياسية قبل أن يخلق، ولذلك فإن الحدّ الأدنى من الإحترام واجب، مشيراً إلى أن الحريري قال إنه خسر في الإنتخابات فكيف وأين يترجم ذلك، مؤكداً أنه لا حكومة بدون وجود النواب السنّة المستقلين فيها، ولافتا إلى أنه يوجد تفاهم عند رئيس الجمهورية وحركة أمل وحزب الله بضرورة تمثيلنا، وموضحاً أن هدفنا الأبعد من مشاركتنا في الحكومة هو تثبيت نتائج الإنتخابات النيابية، وكسر احتكار وآحادية تمثيل الطائفة السنّية.


Post Author: SafirAlChamal