تأليف الحكومة: رهانات البعض على الخارج مضيعة للوقت… عبد الكافي الصمد

يبدو أن الطبقة السّياسية في لبنان، بأغلبها، قد استسلمت لواقع الجمود والمراوحة بما يتعلق بتأليف الحكومة، وأقرت ولو بصمت بأن ولادة الحكومة لن تكون قريبة، لأن الممسكين بأمر تأليفها في الخارج لم يقولوا كلمتهم بعد.

هذا الإستسلام بات أمراً واقعاً بعد مرور 132 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري ملف تأليفها في 24 أيار الماضي، إلى حدّ أن اللقاءات بين القوى السياسية المتعلقة بأمر التأليف قد تراجعت على نحو لافت، وكذلك المواقف السياسية التي شهدت بدورها تراجعاً مماثلاً، بعد أن أصبح تكرارها غير مفيد، ولا يؤدي إلى أي نتيجة، سوى أنها تحاول أن تملأ الفراغ القاتل الذي يخيم على مسرح الحياة السياسية في لبنان.

من الأمثلة على ذلك، أنه بات من النادر في الأيام الأخيرة العثور على خبر أو تصريح جدّي يتعلق بتأليف الحكومة، وكأن الجميع قد غسل يديه منها، بانتظار أن تأتي كلمة السرّ من خارج لبنان كي يسارع الجميع إلى تلقفها والسير بها.

وأكبر دليل على نفض الطبقة السياسية يديها من أمر تأليف الحكومة، مع أنه الأمر الوحيد المطلوب منها حالياً، هو توافقهم على عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب، تحت عنوان ″تشريع الضرروة″، بينما لم يكلفوا أنفسهم التوافق على تأليف ″حكومة الضرورة″، بعدما بات تأليفها أكثر من ضروري، في ضوء الأزمات الداخلية والتطورات في المنطقة، التي تستدعي وجود حكومة فاعلة لمعالجتها ومواكبتها.

فبعد أربعة أشهر ونصف تقريباً على تكليف الحريري، ما تزال الأمور تراوح مكانها، ولم تغادر الجهود التي بذلت طيلة هذه الفترة نقطة الصفر، برغم عقد خمسة لقاءات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري، إحداها وهو الأخير كان لقاء غير معلن، إذ إن العقبات والعقد التي تعيق تأليف الحكومة، في الداخل، ما تزال على حالها.

ويتضح من سياق التطورات والمواقف والإتصالات، أن الأطراف السياسية التي تدور في فلك قوى 14 آذار، ولو شكلاً، ليست مستعجلة تأليف الحكومة، بانتظار تلقيها أمر اليوم من الخارج الذي يخاصم حزب الله وحلفائه داخل لبنان وخارجه، منتظراً مطلع تشرين الثاني المقبل، وهو الموعد الذي ينتظر أن تفرض فيه الولايات المتحدة الأميركية عقوبات جديدة على إيران وعلى حزب الله، وهو أمر يعتبره فريق 14 آذار مكسباً له يستحق الإنتظار والرهان عليه وتأجيل تأليف الحكومة، لأنه سيساعده على فرض رؤيته في تشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة، وأن ينال فيها أغلبية الحقائب الوزارية، كما هو الحال في حكومة تصريف الأعمال الحالية.

يهدف مسعى الحريري وحلفائه الى إجهاض نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة التي خسروا فيها الأغلبية النيابية التي نالوها في إنتخابات 2009، وهم يدركون أنّ هذا الأمر لن يمرّ بسهولة أبداً، وانه مضيعة للوقت، لذلك فإنهم يراهنون على حصول تطورات داخلية وخارجية تساعدهم في ″الإنقلاب″ على نتائج الإنتخابات وأن يبقوا ممسكين بنصاب الأكثرية في السلطة، وهو رهان لا يختلف عن رهانات كثيرة سابقة خسروها بسبب قراءاتهم وحساباتهم السياسية الخاطئة.

غير أن آمال الحريري وحلفائه تصطدم برفض كلّي من قبل رئيس الجمهورية وحلفائه، تجاوز نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة بما يتعلق بأمر تأليف الحكومة، وهو ما أكده عون ويؤكده كلّ مرّة، وآخرها كان ما نقله عنه النائب جهاد الصمد، الذي التقاه في قصر بعبدا أول من أمس، عندما أشار الصمد إلى أنه لمس من عون ″حرصه على أن تعكس الحكومة العتيدة بأمانة نتائج الإنتخابات النيابية والعدالة في التمثيل″.


Post Author: SafirAlChamal