الحكومة تحرم اللبنانيين من ″نصيبهم″ في معبر نصيب… عبد الكافي الصمد

فتح إعلان الجانب السوري عن اقتراب فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بعد عشرة أيام، والإرباك الذي رافق هذا الاعلان، الباب واسعاً في لبنان أمام وجوب إقدامه على خطوات عملية للإستفادة من فتح هذا المعبر الحيوي لأكثر من بلد، والخروج من قوقعة مواقف البعض الجامدة، وضرورة التبصّر والتعاطي بواقعية مع التطورات والتحولات التي تشهدها المنطقة.

أبرز نقاط النقاش الدائرة في لبنان تتمثل في أنه ليس مفيداً بقاء البلد أسير مواقف أسهمت في إبقاء التوتر السّياسي والأمني سائدين فيه بما يتعلق بالملف السوري، والتساؤل إلى متى سيظلّ لبنان الرسمي غير قادر على اتخاذ أي خطوة تجاه القيادة السورية، تساعده سواء بما يتعلق بحلّ أزمة قرابة مليوني نازح سوري في لبنان يرتبون عليه أعباء كبيرة، أو بما يتعلق بالأزمة الإقتصادية التي يكاد يختنق لبنان بسببها، ولا متنفس لها إلا عبر سوريا تحديداً.

منذ استعادة الجيش السوري سيطرته على معبر نصيب، قبل أشهر، واستعادته من المسلحين الذين وضعوا اليد عليه خلال عام 2015، تفاءل معنيون بالأمر في لبنان من مُصدّرين وتجّار ومزارعين وصناعيين وسواهم، وأملوا أن يكون ذلك مقدمة لإعادة فتح المعبررسمياً، بما يتيح لهم إعادة تصدير إنتاجهم الزراعي والصناعي إلى دول الخليج، كون سوريا، وتحديداً معبر نصيب، هي المعبر الوحيد لهم إلى تلك الدول.

قبل اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011 كانت قرابة 250 ـ 300 شاحنة نقل لبنانية تعبر معبر نصيب يومياً، من نحو قرابة 7 آلاف شاحنة كانت تعبره كل يوم، آتية من سوريا ولبنان وتركيا وأوروبا، ما جعل منه أهم معبر حدودي في الشرق الأوسط.

لكن إقفال معبر نصيب جعل خسائر كبيرة تنزل بالقطاعات الإقتصادية في الدول المعنية به مباشرة، من سوريا التي تشير تقديرات نشرت مؤخرا إلى أنها خسرت نحو 5 مليارات دولار جرّاء إغلاقه، وتركيا التي تراجعت تجارتها مع دول المنطقة بسبب إغلاق المعبر نحو 40 % على أقل تقدير، ولبنان الذي خسر قرابة 900 مليون دولار (تشير تقديرات تفصيلية أخرى إلى أن لبنان يخسر يومياً 2.5 ـ 3 ملايين دولار بسبب إقفال معبر نصيب)، والأردن الذي وصلت خسائره إلى نحو 800 مليون دولار.

خسائر القطاعات الإنتاجية اللبنانية، وتحديداً الزراعة والصناعة، بسبب إقفال معبر نصيب، تعود إلى أن تراجعاً يقارب النصف شهده تصدير لبنان من إنتاجه إلى الخارج، وأن استبداله التصدير البحري عوضاً عن البرّي لم يحلّ الأزمة، لأن تكلفة النقل البحري تزيد نحو 40 % عن تكلفة النقل البري، كما أنها تستغرق وقتاً أطول من النقل البرّي، يصل أحياناً الى نحو ثلاثة أضعاف الوقت المعتاد.

كل ذلك كان يفرض على الحكومة اللبنانية إستعجال التواصل مع الحكومة السورية لإجراء الترتيبات الضرورية لتسهيل تصدير الإنتاج الزراعي والصناعي اللبناني عبر معبر نصيب، بما يحلّ أزمات الكساد والبطالة، ويحرّك عجلة الإقتصاد الراكدة ويؤمن مردوداً من العملات الصعبة تسهم في تخفيف الأعباء الثقيلة على المواطنين والإقتصاد اللبناني.

لكن الحكومة اللبنانية، وتحديداً الأطراف التي تخاصم الجانب السوري لأسباب سياسية أو شخصية، أو بفعل إرتباطها بقوى خارجية معادية لسوريا، آثرت عدم الإقدام على أي خطوة عملية في هذا الإتجاه، متنصّلة كلياً من مسؤولياتها تجاه بلدها ومواطنيها ومصالحهم ومصالح البلد العليا، مفضّلة البقاء أسيرة مواقف وارتباطات لم تجر سوى الضرر والويلات  على لبنان واللبنانيين قبل غيرهم.


Post Author: SafirAlChamal