الديمقراطية التوافقية… ونسف الدستور اللبناني… مرسال الترس

ما ان انفضّت جلسات التشريع النيابية لاقرار مشاريع ″قوانين الضرورة″ وإهمال القوانين الأخرى برغم اهميتها الاجتماعية والحياتية، حتى بدأ العديد من النواب بتوجيه السهام الى هذا النوع من التشريع الذي يعتمد على ما يسمى بـ ″الديمقراطية التوافقية″ التي بحسب رأيهم تقضي على كل ما يتصل بالديمقراطية الحقيقية ومضامينها، وعلى مبدأ فصل السلطات التي يجب أن تراقب أداء بعضها البعض وتعمد الى المحاسبة حين تدعو الحاجة.

في البند الثالث من مقدمة الدستور أن ″لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية″، فاذا كان كل شيء سيتم بالتوافق بدون الارتباط بديمقراطية الاكثرية والاقلية فمعنى ذلك اننا نبيح لمن يرغب باجراء التسويات وتبادل التنازلات على حساب الوطن والمواطن.

فهل يمكن ان يتم التوافق مثلاً على محاسبة الفاسدين والمفسدين الذين  يتفيئون أصلاً بأفرقاء على الساحة اللبنانية، من المستحيل أن يقروا بدفعهم الى القضاء وخصوصاً اذا ما تم استغلال الشعارات المذهبية والطائفية القاتلة لأي تطور مجتمعي!

وما هي الطريقة لمعالجة مشكلة النفايات المستعصية اذا كان بعض النافذين يعارضون ذلك لاسباب تتعلق بحجم استفادتهم الشخصية التي تقدر بعشرات ملايين الدولارات، وطالما أن أحداً يعترض، فمعنى ذلك أن تلك النفايات مرشحة لأن تغطي الشوارع اللبنانية مجدداً وأن تتحول الى أنهار مع تساقط الأمطار كما حصل سابقاً؟.

وما هو الاسلوب الذي سيعتمد لايجاد حلول لازمة الكهرباء المزمنة اذا كان هناك أفرقاء يعارضون لانهم يستفيدون من استيراد الفيول والمشتقات النفطية الاخرى، ويرفعون المظلات فوق رؤوس العديد من اصحاب المولدات التي لو استثمرت اثمانها في انتاج الطاقة الكهربائية تحت وصاية الدولة لكان لبنان في المراتب الاولى من الدول المنتجة لهذه الطاقة!.

وما هو الحل الانجع لانتاج النفط والغاز في لبنان اذا لم يتفق ارباب السلطة على تقاسم الحصص في ادارة هذا القطاع الجديد والهام جداً، واذا اعترض أحدهم على حصة ما، فهل سيتاح للبنان الدخول في منظومة الدول المنتجة للنفط؟.

وما هي الطريقة الفضلى لادارة الدولة طالما أن المسؤولين في لبنان يهدرون الشهور ونصف سنوات العهود قبل الاتفاق على تشكيل هذه الحكومة أو تلك، او يتفقون على توزيع مناصب هذه الوزارة او تلك الادارة من وظيفة الناطور الى منصب المدير العام، واذا ما تشبث فريق أو أكثر بتشدده، تتعطل مسيرة الدولة ككل ومعها مصالح المواطنين؟.

انها ″الديمقراطية التوافقية″ التي ستقضي على مقومات ما تبقى من هذا البلد وعلى دستوره والميثاق المعتمد لتوزيع المناصب والمهام، وبالتأكيد لن تقوم له قائمة اذا لم تكن هناك ادارات تعمل بضمير حي وبهيئات رقابية تتابع وبديمقراطية حقيقية تحاسب!. 


Post Author: SafirAlChamal