العلويون في طرابلس.. محاولات إندماج ومواجهة المعرقلين… عمر ابراهيم

لا يخفى على أحد حجم الجهود التي بذلت بعد تطبيق الخطة الامنية في طرابلس لإعادة اللحمة وكسر حاجز الخوف بين ابناء طرابلس وجبل محسن، بعد سنوات من الاقتتال العبثي على خلفية ملفات سياسية داخلية وخارجية، وقد يكون اكثرها خطورة وتعقيدا ملف تفجيري مسجدي التقوى والسلام، حيث ساهمت عوامل كثيرة في اسقاط التهمة عن جبل محسن وحصرها بأشخاص.

وعلى الرغم من اقرار شريحة كبيرة من ابناء المنطقتين بانهم كانوا ضحايا لحروب الآخرين وانهم دفعوا من حياتهم وامنهم واقتصادهم ثمن مشاريع سياسية محلية وإقليمية لم تجر عليهم الا الويلات، الا ان ذلك لم يُقنع شريحة اخرى ما تزال مصرة على ربط مصيرها بدول إقليمية على غرار أقرانهم في طوائف أخرى.

ربما استطاعت الانتخابات النيابية الاخيرة وحالة الاستقرار الأمني ان تعيد جسر التواصل وتذلل الكثير من العقبات بين جبل محسن وطرابلس، خصوصا ان المرشحين لتلك الانتخابات توزعوا على لوائح ضمت كل اطياف اللون السياسي الموالي والمعارض لسوريا، وجاءت النتيجة بفوز النائب علي درويش من كتلة الوسط المستقل، والذي استطاع باعتراف خصومه ان يساهم في تذليل بعض تلك العقبات، انطلاقا من موقعه الوسطي ضمن الكتلة التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، وهو يكمل اليوم مهامه في تعبيد كل الطرقات والتأكيد على أن جبل محسن هو جزء لا يتجزأ من طرابلس وأن العلويين هم شريحة طرابلسية من نسيج المدينة.

لكن جهود درويش ومعه بعض ابناء المنطقة تشهد صعوبات في الوقت الراهن لاستكمال الطريق نحو علاقة متينة  والوصول الى تظهير الصورة التي يشتهيها الساعون الى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة، وتتمثل بالدرجة الاولى بتفاصيل العلاقة مع سوريا وبمحاولة البعض الاستفادة من هذه العلاقة لفرض نفوذه على الجبل، في وقت يسعى فيه البعض الآخر الى فصل يوميات جبل محسن عن العلاقة مع سوريا وعن تداعيات ما يحصل هناك، من دون أن يكون هناك إنقلابا على السوري نظرا للروابط الكثيرة القائمة بين الطرفين.

لكن الخوف يبقى هاجس هؤلاء من امكانية الاستغلال مجددا لابناء تلك المناطق من العلويين والسنة، والزج بهم في اتون الصراعات السياسية، وهو خوف يتضاعف مع كل تأزيم في الوضع السياسي، وان كان هناك من يستبعد ذلك لكنه يبقى خوفا مشروعا.

ولعل الممتعضين من تعبيد الطرقات بين جبل محسن ومحطيه في المقلبين لا يتركون مناسبة من دون محاولة التذكير بقضايا عدة، ووضع بعض العراقيل واختراع اخرى، في مسعى واضح لابقاء حالة الفرز المناطقي بهدف إستخدامه عندما تدعو الحاجة، مستغلين بعض الزيارات او المواقف التي تصدر عن نائب او جهة سياسية، أو حتى هيئة مدنية، وتحويلها الى اتهامات، ما يؤكد أن هناك من يتربص شرا بالمناطق الساخنة سابقا والتي يسعى أهلها الفقراء الى النأي بالنفس عن ملفات سياسية محلية واقليمية لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة لهم بعدما إكتشفوا أنهم كانوا مجرد وقود لحروب الآخرين.

من خلال هذا الواقع يؤكد كثيرون أنه لم يعد مسموحا تعكير صفو العلاقات بين العلويين والسنة في طرابلس،  وهو أمر يتطلب من بعض ابناء الطائفة العلوية التائهين بين لبنانيتهم وعلاقتهم التاريخية مع سوريا، بذل  المزيد من الجهود على خط  دعم المساعي المبذولة لاستعادة حقوقهم اولا في مؤسسات الدولة وفي الانماء، وللتأكيد على انهم جزء لا يتجزأ من هذه المدينة، لا سيما ان من يمثلهم اليوم في البرلمان فاز باصواتهم على عكس ما كان يحصل في دورات إنتخابية سابقة. 

Post Author: SafirAlChamal