إفتتاح ″أطوار العمران″ أول معرض عالمي للفن المعاصر في طرابلس 

tripoli art 2

افتتحت كل من “بيروت متحف الفن (BeMA) وجمعية  STUDIOCUR/ART، معرض الفنّ المعاصر “أطوار العمران” (Cycles of Collapsing Progress)، في قلعة طرابلس ومعرض رشيد كرامي الدولي بالتوازي، بحضور فعاليات سياسية وأهلية وبلدية واجتماعية وثقافية وتربية. 

المشروع الذي ينظم تحت رعاية وزارة الثقافة ومكتب منظمة الاونيسكو في بيروت، يستوحي أعماله من أهمية عَجَلة الزَّمن واندثار الحضارات وأطوار العمران في كلا الموقعين.

بدأت الجولة من قلعة طرابلس حيث استقبلت الحضور المسؤولة عن قطاع الشمال في مديرية الآثار سمر كرم، وألقت كلمة بالمناسبة شاكرة كل من ساهم في انجاح هذا المشروع خصوصاً مدير عام وزارة الآثار سركيس خوري وقطاع العزم الثقافي وبلدية طرابلس وجامعة المدينة. ويعرض في القلعة أعمال تتناول الحوار بين الماضي والحاضر في العمارة، نفّذها أربعة فنانين هم ريان تابت، إيمانويل توفار، هايغ أيفازيان، بابلو دا فيلا.

أما في معرض رشيد كرامي الدولي حيث كان الافتتاح الرسمي، فألقى رئيس مجلس إدارة المعرض أكرم عويضة كلمة رحّب فيها بالضيوف خصوصاً الفنانين اللبنانيين والمكسيكيين الذين آمنوا بفكرة مشروع “أطوار العمران” وعملا على تجسيدها فنا وابداعا”. وأضاف: “ليس غريباً على معرض رشيد كرامي وهو واحة دولية للابداع العمراني الذي نسجه أوسكار نيماير، أن يستقبل هذا المشروع القيّم، وليس غريباً على طرابلس ان تفتح ذراعيها لاستقبال هذه الاعمال الفنية المهمة والتي تتماهى مع منشآت المعرض لتكتمل دائرة الفن العمراني في مدينتنا طرابلس”.

وفاجأ المهندس المعماري وسيم ناغي الحضور بإعلانه نبأ وضع معرض رشيد كرامي الدولي على لائحة التراث العالمي من قبل منظمة الأونيسكو.

أما زياد ميقاتي مدير عام مؤسسة ميقاتي الشريك الرئيس لمشروع “أطوار العمران”، فقال:  “ما أجمل ان نلتقي اليوم في احضان معرض رشيد كرامي الدولي لنقول للبنان قبل العالم ان طرابلس كانت ومازالت وستبقي إرثا ثقافيا لكل الوطن… كانت ومازالت السياحة اللبنانية الرسمية تعتمد على بعلبك (التاريخ الروماني القديم)  وجبيل مدينة الحرف والارث الفينيقي وصيدا والصور لمكانتهم الإنجيلية التاريخية اما طرابلس الغائبة عن الخريطة السياحية للبنان يميزها تعدد الحقبات التاريخية الحضارية وبالاخص  إرثها المملوكي الظاهر الذي يجعلها ثانية بعد القاهرة ويميزها كالمدينة الملوكية الاولى في لبنان!  فلطرابلس نكهة خاصة مميزة في تاريخها ، وعمرانها وجغرافيتها ما يجعلها المدينة العظيمة  كما وصفها اسكار نماير”.

وأضاف: “يسعدني ان امثل مؤسسة ميقاتي هذه المؤسسة الدولية ابنه الجمعية الطرابلسية العزم والسعادة والتي تعمل من باريس ولندن ونيويورك لدعم وتمكين العلاقة بين طرابلس والمؤسساسات الدولية العلمية الصحية والثقافية”.

وتحدثت ريتا نمور العضو المؤسس لـ “بيروت متحف للفن” (بما) المنظّم لمشروع، قائلة “أَفْتَخِرُ فِي أَنْ يَكُوْنَ لِقَاؤُنَا الْيَوْمَ في مَعْرِضِ رَشِيدْ كَرَامِيْ الدَّوْلِيْ في طَرَابْلُسْ، وَسْطَ هَذِهِ التُّحْفَةِ الْمِعْمَارِيَّةِ وَالْهَنْدَسِيَّةِ وَالْحَضَارِيَّةِ الْحَدِيْثَةِ الَّتِيْ لا حَاجَةَ لِوَصْفِهَا، نُطْلِقُ مَعاً نَشَاطاً يَسْتَمِرُّ مُدَّةَ شَهْرٍ كَامِلٍ”. وأضافت: “إِنَّه مشروع يثْبِتُ بِجُهُوْدِ المُبَادِرِيْنَ إِلَيْه، وَعَمَلِ الْفَنَّانِيْنَ الْمُشَارِكِيْنْ، أَنَّ الْمَكَانَ الطَّبِيْعِيَّ لِلثَّقَافَةِ وَالْفَنِّ هُوَ دَائِماً حَيْثُ الْإِنْسَانُ وَالْحَيَاةْ، في أَيَّ مُجْتَمَعٍ كان، فَالْفَنُّ وُجِدَ كَقِيْمَةٍ إِنْسَانِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ تَكُوْنَ لَهُ أَيُّ قِيْمَةٍ مَادِّيَّةْ”.

وقالت: “مِنْ هَذِهِ النَّظْرَةْ، وَهَذَا التَّوَجُّهْ، أردنا لـ “بيروت متحف الفنّ” أن يَكُوْنُ مُرْتَبِطاً مُبَاشَرَةً بِالنَّاسْ، فَهُوَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ، مَرْكَزٌ بِمَثَابَةِ حَالَةٍ دِيْمُقْرَاطِيَّةٍ، حِوَارِيَّةٍ، تربويّة، وَتَفَاعُلِيَّةْ، لا حَوَاجِزَ فِيْهَا، وأحد أهم أهدافها، دعم الفنانين اللبنانيين وتشجيع ابداعهم وانتاجهم. “بما” سَيَكُوْنُ نتيجة لدينامية فنية تفعّل الوعي الجماعي ومساحة تجمع بين مجموعات مختلفة ضمن صرح آمن للحوار وتبادل الأفكار من خلال برامج فنية، توعوية، تربوية وثقافية، تعمل على اشراك المجتمع المحلي بالفن”. وشرحت نمور أن مَعْرِضُ” أَطْوَارِ الْعُمْرَانْ” “يَأْتِيْ في السِّيَاقِ التَّفَاعُلِيِّ اللّامَرْكَزِيّْ الذي يتبنّاه “بما”، ويُشْرِكُ اليوم طَرَابْلُسَ، هَذِهِ الْمَدِيْنَةُ الْعَرِيْقَةُ، وَمُجْتَمَعَهَا وَمَعَالِمَهَا في حِوَارٍ لُبْنَانِيٍّ – عَالَمِيٍّ مِنْ إِنْتَاجِ فَنَّانِيْنَ وَمُبْدِعِيْنَ لُبْنَانِيِّيْنَ وَمكسيكيين، عَمِلُوْا بِجُهْدٍ وَقَنَاعَةٍ وَاْنْفِتَاحٍ كُلِّيٍّ لِتَسْلِيْطِ الضَّوْءَ عَلَى مَا تَخْتَزِنُهُ هَذِهِ الْمَدِيْنَةُ مِنْ إِرْثٍ حَضَارِيٍّ وَإِنْسَانِيٍّ، فَشُكْراً لَكُمْ، وَلِكُلِّ مَنْ سَاهَمَ وَيُسَاهِمُ في إِنْجَاحِ هَذِهِ التَّجْرُبَةِ الرَّاقِيَةْ”. وختمت بشكر “َكارِيْنَا الْحِلُوْ عَلَى عَمَلِهَا الْمُمَيَّزْ، وَلِوَزَارَةِ الثَّقَافَةِ والمديرية العامة للآثار ممثلةً الليلة بالاستاذ سركيس خوري ، وَلِلـ UNESCO ممثّلة بالاستاذ جوزف كريدي، وَلِمُؤَسَّسَةِ MIKATI عَلَى إِيْمَانِهَا بِأَهَمِّيَّةِ هَذِهِ الْمُبَادَرَةِ، وَلِشَرِكَةِ ALFA وَوَزِيْرِ الاتِّصَالاتِ الأُسْتَاذْ جَمَالْ الجَرَّاحْ، وَلِمُؤَسَّسَةِ ROBERT MATTA وَلِمَصْرِفَيْ BEMO وَ LIBANK وَلِشَرِكَةِ NASCO، وَلِإِدَارَةِ مَعْرِضِ رَشِيْدْ كَرَامِيْ الدَّوْلِيّْ وتحديداً السادة أكرم عويضة وأنطوان أبو رضا ورضوان مقدّم، وَبَلَدِيَّتَيْ طَرَابْلُسْ وَالْمِيْنَا وَجَمِيْعِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ وَقِوَىْ الأَمْنِ وَالْجَيْشِ اللُّبْنَانِيّْ، وَالشُّكْرُ الْكَبِيْرُ الْكَبِيْرُ طَبْعاً لِطَرَابْلُسَ وَأَهْلِهَا عَلَى إِهْدَائِهِمْ السَّاحَةَ الْفَنِّيَّةَ اللُّبْنَانِيَّةَ، حَدَثاً بِهَذَا الْحَجْمِ”.

أما كارينا الحلو القيّمة الفنية لـمشروع “أطوار العمران” ومؤسسة جمعية STUDIOCUR/ART للفن في فرنسا، فشرحت العنوان الفلسفي الذي اختارته لمشروعها، ولماذا اختارت أن تعرض الاعمال الفنية بين القلعة ومعرض رشيد كرامي. وقالت إن إن هدفها من ذلك كان تفعيل الصلة بين معرض رشيد كرامي وقلب مدينة طرابلس النابض وخصوصاً قلب المدينة القديمة حيث توجد القلعة”. ورأت أن الحضارات العمران يمرّات بدورات زمنية كثيرة، ومشروع “أطوار العمران” يجسّد اليوم بدء دورة جديدة لتاريخ معرض رشيد كرامي الذي كان في الستينات حلم لبنان الحديث. وأضافت الحلو أنها ركّزت في عملها على أن تتماهي الاعمال الـ 18 المعروضة مع مباني أوسكار نيماير وتفعّل دورها الاساسي، فعلى سبيل المثال وضعت عمل زاد ملتقى وهو تجهيز فني يرتكز على السمع ومنحوتات من الحديد، في المسرح التجريبي الذي بني قبل عقود. ولا ننسى انها فعّلت أيضاً مبنى متحف الفضاء بعرض متخصص عن تجارب لبنان والجمعية اللبنانية للصواريخ في الوصول الى الفضاء. وأفادت الحلو أن المشروع يأخذ بعين الإعتبار حالة معرض رشيد كرامي والقلعة، ويسعى إلى التفكّر في المفاهيم الكونيّة للأطوار والدّورات الطبيعية والتاريخية. 

وصرّحت بأن “الطراز المعماري الأسمنتي للمعرض، والذي يعتبر واحدا من أهم الموروثات المعمارية الحديثة في الشرق الأوسط ، هو اليوم في حوار من خلال الفن المعاصر مع القلعة  التاريخية. ففي سياق المعرض دفع الوضع الحالي لهذين الصرحين إلى التأمل في المفاهيم الكونيّة للأطوار والدّورات الطبيعية والتاريخية. إن مفهوم الزمن الدوري ، المشترك بين الحضارات السابقة ، يعتبر الآن بالياُ ، لأنه وفقا لميرسيا إلياد ، فإن المجتمعات الحديثة لديها فهم خطي للوقت. يعتبر هذا الفهم المعاصر، التقدم بمثابة النتيجة الوحيدة الممكنة ، وبالتالي لا يأخذ في الاعتبار دورات الانهيار المتكررة”.

وكان الختاممع ممثلة وزير الثقافة غطاس خوري لين طحيني التي رأت انه مهما اشتدت الظروف والازمات تعرف طرابلس الكبيرة بقيمتها وبأهلها وتاريخها كيف تعكس صورتها الحقيقية وفاءً لإرث لا يُضاهى من الثقافة والانفتاح. وأضافت: “وجودنا اليوم في معرض رشيد كرامي الدولي وإطلاقنا هذا الحدث الذي يستمر شهراً كاملاً، من هذا المكان الذي يشكل بحداثته صلة وصل ما بين الماضي والحاضر وصناعة الستقبل، إنما يؤكد على أولوية طرابلس لدى وزارة الثقافة، أولوية تتجلى بقرارنا إطلاق عجلة إدراج هذا الصرح على قائمة اليونيسكو كأحد معالم التراث العالمي”. وذكرت أن “وزير الثقافة أصدر قراراً بإعفاء جميع الاشخاص الذين سيقصدون قلعة طرابلس لزيارة معرض “أطوار العمران” من اليوم حتى 23 تشرين الاول 2018″.

 

نبذة عن مشروع “أطوار العمران”

يقدم “أطوار العمران” ١٨ مشروعاً، بينها ٨ أعمال فنية مفوضة و ١٠ أعمال أنجزها فنّانون مشهورين عالمياً من لبنان والمكسيك، تحت إشراف مؤسسة منصة STUDIOCUR/ART  القيَمة كارينا الحلو. ويأتي المعرض الذي يستمر شهرٍاً كاملاً (٢٢ أيلول/ سبتمبر – ٢٣ تشرين الأول/ أكتوبر)، تتويجاً لـ ١٨ شهراً من العمل شملت تبادل ثقافي بين لبنان والمكسيك إضافة الى إقاماتٍ فنية متبادلة بين البلدين، ما أتاح تشارك وجهات النظر والمقاربات  حول موضوع المعرض.

ويضم المعرض فنّانين لبنانيّين ومكسيكيّين مشاركين، بشكلٍ حصري، في المعرض، وهم: إدغاردو أراغون، علي شرّي، جوزي دافيلا، جوانا هادجيثوماس وخليل جريج، لمياء جريج، فريتزيا إيريزار، جورج منديز بلايك، داميان أورتيغا، مروان رشماوي، غبريال ريكو، ستيفاني سعادة، روي سماحة، جلال توفيق، وزاد ملتقى، في معرض رشيد كرامي الدولي، وكذلك كلّ من ريان ثابت، هايغ إيفازيان، إيمانويل توفار، وبابلو دافيلا في قلعة طرابلس التاريخية.

وسيكون هناك برنامجاً ثقافياً موازياً للمعرض، من أهم نشاطاته مؤتمر بعنوان “معرض أوسكار نيماير في طرابلس: إرث حديث في خطر” الذي سيعقد في متحف سرسق في بيروت، في 27 أيلول (سبتمبر) المقبل، ويتحدث فيه فارس الدحداح المتخصص في الهندسة الحديثة وعضو مؤسسة نيميير، والمهندس اللبناني الشهير برنار خوري.

يُشار إلى أنّ هياكل معرض رشيد كرامي الدولي المولفة من ١٤ بناءً،  بُنيت جزئياً عام ١٩٧٤ قبل أن تعيق الحرب الأهلية اللبنانية عملية استكمالها، ويُعتبر المكان أحد أهم تراث البناء الهندسي المعاصر في الشرق الأوسط، لكونه ينتمي الى نزعة معمارية تجديدية خلال ستينات القرن العشرين.

Post Author: SafirAlChamal