تعتبر كنيسة مار نوهرا في سمار جبيل البترونية من أبرز المواقع والمعالم الاثرية والتاريخية وتتميز بطابع هندسي وفني خاص، حيث تحمل في جدرانها رسوما تعود لثقافة اجيال عاشت في حقبة تاريخية توزعت على مختلف العصور.
عندما قررت رعية مار نوهرا في بلدة سمارجبيل في قضاء البترون تنفيذ أعمال تنقيب في غرفة “السكرستيا” في الكنيسة أرادت الوصول الى النهاية، وكان ذلك في اطار البحث عن تاريخ الكنيسة والبلدة.
وكشفت أعمال التنقيب عن جثامين لسبعة كهنة خدموا الرعية وتم اكتشاف جثامينهم في مدافن في أرض “السكرستيا” وهي تعود الى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فيما تتواصل الدراسات والابحاث لتحديد هوية الجثامين المكتشفة من خلال البحث في سجلات الكنيسة والرعية.
وبعد انتهاء الابحاث والدراسات أعيد دفن الجثامين واقامت الرعية قداسا لراحة أنفسهم تخلله تبريك المكان.
ويؤكد خادم الرعية الخوري ايلي سعاده ان “المديرية العامة للآثار أرسلت منقبين على رأسهم الدكتورة باتريسيا انطاكي للبدء بعملية التنقيب بعد ازالة البلاط من الارض حيث تم اكتشاف مدفنين: في داخل المدفن الجنوبي، اكتشفت عظام ستة جثامين وفي المدفن الشمالي الذي يبلغ عمقه مترا ونصف المتر جثمان واحد، وبقايا من الجثامين الستة. ويبدو ان في المدفن الشمالي، كان يتم دفن الكهنة جلوساً على الكرسي، ريثما يتوفى كاهن آخر، فتجمع رفاته مع رفات الكهنة الباقين في المدفن الجنوبي وتم دفنهم حسب تقاليد الكنيسة المارونية”.
ويقول: “لقد أعدنا دفن الجثامين ووضعنا لوحتين تحدد تاريخ اكتشاف الجثامين واعادة دفنهم في شهر آب 2018. وقد أجريت دراسة انتروبولوجية للعظام من قبل الدكتورة ندى الياس لتحديد عمر الجثامين.”
ويضيف: “كشفت أعمال التنقيب عن وجود كنيسة قديمة ايضا تعود الى القرن السادس مما يؤكد نظرية ان كنيسة مار نوهرا كانت من اوائل امكنة الحج لدى المؤمنين المسيحيين” لافتا الى “ظهور حنية الكنيسة القديمة وفي داخلها ارضية فسيفساء خارج الكنيسة للجهة الشرقية” مشددا على “أهمية اكتشاف تاريخنا المسيحي الذي ننتمي اليه وما قمنا به ونقوم اليوم هو في غاية الاهمية.”
أما الدكتورة الياس وهي باحثة في علم الانتروبولوجيا البيولوجية فلفتت الى ان “الدراسة الانتروبولوجية دلت على ان الجثامين السبعة تعود لرجال اعمارهم مختلفة، اثنان يتراوح عمرهما بين العشرين والتسعة وعشرين سنة، واحد بين العشرين والتسعة وثلاثين سنة، اثنان بين العشرين والتسعة واربعين سنة، واثنان فوق الستين سنة.”
وبالاضافة الى أعمال التنقيب في كنيسة مار نوهرا تشهد كنيسة السيدة اعمال ترميم وتأهيل مع المحافظة على طابعها بسقفها الطبيعي من سنديانة معمرة. وتتواصل الاعمال في ورشتين موازيتين في كنيسة مار نوهرا وكنيسة السيدة وتنتظر سمار جبيل انتهاء الدراسات والتنقيب في اطار نبش تاريخ كنائسها ومعالمها الدينية.”
