لماذا رشّ البطريرك الراعي الملح على جرح تأليف الحكومة؟… مرسال الترس

يتذكر اللبنانيون ولاسيما المسيحيون منهم مدى شد الحبال القائم في لبنان منذ استقلاله بين السلطتين السياسية والدينية حول من تكون له الكلمة المؤثرة في حسم الامور الكبيرة والمستعصية، وقد تجلى ذلك بوضوح بين قصر بعبدا وبكركي، وحتى قبل أن يوجد قصر بعبدا حين كان القصر الرئاسي في محلة القنطاري في بيروت.

وفي هذا السياق يرى بعض المراقبين أن هناك غيوماً غير بيضاء فوق العلاقة الحالية بين الصرح البطريركي وقصر بعبدا تمت ترجمتها في المواقف الانتقادية المتتالية التي يطلقها سيد بكركي منذ فترة ولاسيما تجاه الاداء السياسي الذي لم يدفع حتى الآن الى إحداث تبدلات نوعية في النتائج التي تم التعويل عليها منذ سنتين..

فعلى هامش جولة له في منطقة اقليم الخروب – قضاء الشوف دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الى تأليف “حكومة طوارئ” تكون قادرة على مواجهة التحديات التي تواجه البلاد ليس الخارجية فقط المتمثلة بالحروب المحدودة الدائرة في الاقليم، وإنما ايضا التحديات المحلية من مالية واقتصادية واجتماعية ومعيشية، الأمر الذي قرأه المتابعون بأنه جاء بمثابة رش الملح على جرح التأليف الحكومي!.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عوّل كثيراً على تأليف حكومة ما بعد الانتخابات النيابية لكي تكون الحصان الذي يحارب من خلاله ما يعتري الدولة من موبقات وفساد،  في حين لا تتيح له الصلاحيات الدستورية التي تركها له اتفاق الطائف، في أن يفرض ما يريد في عملية التشكيل، وانما يحق له توجيه الملاحظات وربما الاعتراض قبل مرحلة التوقيع، وهو بالتالي ينتظر ما يرفعه اليه الرئيس المكلف ليبني على الشيء مقتضاه، واذا لم يكن الرئيسان على موجة واحدة كما كان الامر في الحكومة الاولى من عمر العهد، فتلك مصيبة بحد ذاتها، لأن التأخير يأكل من رصيد العهد قبل سواه.. 

أما الرئيس المكلف سعد الحريري كما يرى العديد من المراقبين فهو مكبّل خارجياً بضغوط اقليمية ودولية (باستثناء السعي الفرنسي لازالة العراقيل) ما لا يتيح له الانطلاق بالسهولة التي اعتمدها في الحكومة السابقة التي تقوم الآن بتصريف الاعمال. إضافة الى عراقيل وعوائق يتناوب العديد من أفرقاء الداخل على إلقائها في درب إخراج حكومته الثانية في هذا العهد الى الضوء، في حين تشير العديد من المصادر الى أنه ليس بمقدوره القفز فوقها!

وامام هذا الكم من الصعوبات في تأليف الحكومة يفسر المتابعون اقتراح  تأليف ″حكومة طوارئ حيادية″ وكأنه للزكزكة وتوجيه السهام لمن يؤلفون لا أكثر. فمن بامكانه تأليف حكومة طوارئ يستطيع تاليف حكومة توافق وطني، وهل يمكن تجاهل السياسيين في تسمية وزراء حكومة الطوارئ تلك، أم أنه سيتم الاتيان بوزراء من خارج كوكبنا يكونون مقبولين من الجميع؟.   

Post Author: SafirAlChamal