لبنان يضرب سور الصين العظيم… عزام ريفي

أثبتت كرة السلة اللبنانية مرة أخرى أنها أكثر من مجرد لعبة بالنسبة لكل اللبنانيين، بل هي تيار وطني جارف يقوده منتخب الأرز، الذي نجح يوم أمس في تحقيق إنجاز من عيار الذهب الخالص، تمثل بالفوز على العملاق الصيني بنتيجة (92ـ88) ليضع بذلك لبنان قدمه على طريق مونديال كأس العالم.

قرابة ثلاثة آلاف مشجع إجتمعوا من كل الأعمار، الصغير قبل الكبير، والفتيات قبل الشباب، ومن مختلف المناطق، ومن كل الطوائف، ومن كل الإنتماءات السياسية، في ملعب مجمع نهاد نوفل، فتوحدوا خلف منتخب الأرز، وصدحت حناجرهم بالتشجيع الذي استمر حتى ثواني المباراة الأخيرة، في ظل أجواء من الحماس إجتاحت المدرجات وإنتقلت الى اللاعبين الأبطال الذين كانوا على مستوى هذا الاستحقاق الوطني، وهم أبوا إلا أن يخرجوا من المباراة التاريخية مرفوعي الرأس، ورافعين إسم لبنان عاليا بتحقيق فوز مستحق.

بدأ منتخب الأرز المباراة في ربعها الأول، بشكل بطيء نسبياً، حيث استطاع المنتخب الصيني التقدم بفارق ثماني نقاط، في ظل ضياع في الدفاع اللبناني وعدم القدرة على خلق الثغرات في الدفاع الصيني، وبالتالي انهاء الهجمات بتسجيل النقاط، لكن لم يمر الكثير من الوقت حتى استعاد لاعبو الأرز تركيزهم وسط تشجيع الجمهور، وتمكنوا من انهاء الربع الأول بأقل خسائر ممكنة متأخرين بثلاث نقاط فقط عن المنتخب الصيني.

استمرت الروح القتالية لدى لاعبي الأرز في الربع الثاني من الشوط الأول من المباراة، مع تحسن ملحوظ في الدفاع عن طريق الحد قدر الإمكان من خطورة ماكينة التسجيل الصينية التي سجلت 16 نقطة فقط، في حين أصبح المنتخب اللبناني أنشط على صعيد بناء الهجمات، وأدار لاعبوه الكرة بشكل أسرع، فأربكوا الدفاع الصيني الذي وقف عاجزاً أمام الانتفاضة اللبنانية التي أسفرت عن التعادل (36-36).

ربع المباراة الثالث كان شبيهاً بربعها الأول حيث دخل المنتخب الصيني بثقة عالية خصوصاً أن الإعلام الصيني قد صرح قبل المباراة، أن لا داعي لتدعيم صفوف منتخبه الوطني، لأن الفوز سيكون لمصلحته، مؤكدا أنها ستكون مباراة سهلة بالنسبة له، وكانت مجريات الربع الثالث تسير في هذا الإتجاه حيث اتسع الفارق ليصل الى تسع نقاط لمصلحة التنين الصيني، في حين اكتفى المنتخب اللبناني بتقليص الفارق لسبع نقاط، قبل نهاية الربع الثالث بنتيجة (61-54) لمصلحة الصين.

صدى صوت المشجعين، الذين لعبوا دور اللاعب السادس على أرض الملعب، وهتافاتهم “يلا لبنان” ومطالبتهم بالدفاع، أعاد الحماس للاعبين، حيث إنتفضوا مجددا، ولم يبخلوا بأقل نقطة عرق، وقاتلوا على كل كرة حتى الرمق الأخير، وعملوا على استغلال نقاط ضعف المنتخب الصيني والتعب الذي حل ببعض لاعبيه، فحققوا التعادل وسط فرح هستيري على المدرجات، وفرضوا على الصينيين الذهاب الى شوط إضافي بعد انتهاء المباراة بالتعادل على النقطة 77.

رغم غياب عناصر مهمة للمنتخب اللبناني مثل الكابتن وصخرة الدفاع جان عبدالنور، وصانع ألعاب منتخب لبنان وائل عرقجي، وصاحب الثلاثيات القاتلة نديم سعيد، واللاعب المتألق دائماً باسل بوجي، وبالرغم من رجحان كفة المواجهات بين لبنان والصين لمصلحة التنين الصيني، وذهاب المباراة الى شوط إضافي، الأمر الذي يعد لمصلحة المنتخب الصيني المصنف 29 عالمياً والثالث آسيوياً، لجهة تمتعه بخبرة واسعة بكيفية التعامل وانهاء المباريات لصالحه، خصوصاً في أشواطها الإضافية حيث يكون التعب قد نال من لاعبي الخصم، رغم كل هذه العوامل أثبت منتخب الأرز أن “ما صنع في لبنان” يتفوق على “ما صنع في الصين” في ما يخص كرة السلة، فكان على قدر عال من المسؤولية الوطنية، ولم يخيّب آمال اللبنانيين، أنهى الشوط الاضافي بفوز تاريخي بنتيجة (92-88).

Post Author: SafirAlChamal