ما هو مدى ″الاشتباك السياسي″ بين المستقبل والتيار الوطني الحر؟… غسان ريفي

بدأ “السجال السياسي” يأخذ مكان المشاورات والمفاوضات حول تشكيل الحكومة العتيدة، ويكرس نفسه على الجبهات المفتوحة بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” بأشكال مختلفة تغريدا وتصريحا وتلميحا، في محاولة من كل فريق أن يحمّل مسؤولية التعطيل الى الآخر، فضلا عن الصلاحيات التي يجتهد كل من الفريقين في تفسيرها لمصلحته.

يتعاطى اللبنانيون مع المستجدات وفق قاعدة “النفخ على اللبن لأن الحليب كاوينا” خصوصا أن أحدا لا يريد أن ينفجر أي خلاف في الشارع، أو أن يتحول الى فتنة طائفية بفعل الاصطفافات الحاصلة، خصوصا أن هناك من ينفخ في هذا البوق، بالتزامن مع بعض “المضايقات” الطائفية في مناطق مختلفة والتي قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

يخشى كثيرون من إستمرار السجال الحاصل بين نواب وقيادات “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، لأن ذلك من شأنه أن يشحن النفوس في شارع الفريقين، في وقت ينتظر فيه اللبنانيون من التيارين أن يتوافقا على تشكيل حكومة تدير البلد وتنقذه من أزماته الاجتماعية والاقتصادية، لا أن يذهبا به الى فتنة تحت أي شعار أو لأي سبب كان.

لكن يبدو واضحا حتى الآن، أن التصعيد بين الفريقين مضبوط، ويسير تحت سقف معين، وهو أشبه بـ”تنغيم سياسي” أو “فشة خلق” أكثر منه “إشتباك” سياسي حقيقي، خصوصا أن التيارين يعلمان أن من مصلحتهما أن يشكلا حكومة، لكي ينطلق عهد الرئيس ميشال عون، ولكي يضمن الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة وتحقيق مصالحه على أكثر من صعيد محليا وإقليميا.

لذلك، فقد تراجع رئيس الجمهورية عن الخطوات التي هدد باتخاذها إعتبارا من أول أيلول، في حين يحرص الرئيس الحريري على الفصل بين علاقته بالرئيس ميشال عون، وبين خلافه حول الحكومة مع الوزير جبران باسيل، وهو يؤكد أنه لا يريد أن يضرب علاقته به وأن يستمر التوافق والتعاون بينهما، مبديا إستعداده للصعود مجددا الى قصر بعبدا لمناقشة الصيغة الحكومية المبدئية التي قدمها أو لتقديم صيغة جديدة.

يدرك الحريري اليوم، أنه مستفيد مما يجري، سواء من إلتفاف رؤساء الحكومات السابقين حوله دفاعا عن صلاحيات رئيس الحكومة، وكذلك من المواقف الصادرة عن قيادات سنية أخرى، بما يساعده على التمسك بتكليفه وبتشكيل الحكومة، وعلى التفاوض من أرض صلبة تمكنه من تعزيز مواقفه، وتحول دون تقديمه المزيد من التنازلات، وتدفعه الى مواجهة شهوة جبران باسيل المتنامية للسلطة بالحصول على الثلث المعطل (11 وزيرا) وهو بحسب متابعين “ما يكاد يخرج من الباب راضيا بعشرة وزراء حتى يعود من النافذة مطالبا بـ 11 وزيرا مرة عبر التخفيض من حصة القوات اللبنانية ومرة أخرى عبر توزير النائب طلال أرسلان”.

تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن التصعيد بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، ما يزال تحت السيطرة، مؤكدة أنه ليس من مصلحة أحد “قطع شعرة معاوية” مع الآخر، أو ضرب التسوية الرئاسية، لأن الفريقين مصلحتهما واحدة، وهما بحاجة الى بعضهما البعض في هذه المرحلة.

وترى هذه المصادر أن الأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور، فإذا أقدم رئيس الجمهورية على خطوة توجيه رسالة الى مجلس النواب لاعادة النظر في تكليف الحريري، فإن الأمور قد تتخذ منحى دراماتيكيا، علما أن هذه الخطوة غير منصوص عليها في الدستور اللبناني، لكنها قد تشعل حربا سياسية حقيقية حول الصلاحيات والأعراف وتحول السجال الى إشتباك حقيقي سياسي وطائفي، أما في حال إستمرت التهدئة من قبل رئيس الجمهورية فإنه بذلك يلاقي الرئيس الحريري الحريص على علاقته الجيدة معه، والذي قد يزوره مرات عدة للوصول الى صيغة توافقية، خصوصا أن البلد لم يعد يحتمل هذه المراوحة القاتلة، في حين أن “الثنائي الشيعي” قد ضاق ذرعا بهذا التأخير غير المبرر، وبهذا الدلع السياسي.

Post Author: SafirAlChamal