المونة البيتية تراث يكاد يندثر في القرى الكورانية… فاديا دعبول

لطالما شكلت المونة البيتية محطة اساسية في حياة الكورانيين وغيرهم من ابناء المناطق الريفية. حيث كانت ربات المنازل تعملن في المواسم على تأمين مستلزمات الطعام والحلويات البلدية، من ثمار الارض الكريمة، ما يجعل الخير يتدفق على الموائد، وتعم البركات في المنازل، بكرم الضيافة وتبادل الهدايا من الاطايب المنوعة. الا ان تطور الحياة وتوجه السيدات للعمل خارج المنازل، وتوفر المأكولات الجاهزة في الاسواق، جعل مونة شغل البيت في خبر كان. وبات من يحافظ على هذه العادات القروية قلة نادرة، اسوة بالسيدة منتهى عبيد ابنة بلدة متريت في اعالي الكورة.

وما يجعل من منتهى حالة نادرة انها ورثت عادات اهلها القروية، وتمسكت بها، رغم عملها مدة اربعين سنة في ادارة كلية التربية في الجامعة اللبنانية في بيروت. حيث كانت تعود الى بلدتها مع كل نهاية اسبوع، وتشارك اهلها في جميع اعمال الحقل والمونة، الى ان تقاعدت من عملها، واستقرت بشكل نهائي في المكان الاحب الى قلبها” متريت”. فجعلت محور يومياتها العمل في زراعة الخضار والعناية بما تركه والديها من ارزاق، لاسيما من كروم العنب. اذ انها، منذ ما يقارب الخمس سنوات، تنهمك بحماس وفرح بصنع النبيذ والعرق والخل والدبس وايضا الكشك. ما يشكل مونة نادرة وقيمة لاخوتها في استراليا ولابناء البلدة ممن يتهافتون على منتوجاتها البلدية.

وفيما تحضر منتهى، اليوم، دبس العنب تبدي اسفها على خسارة هذه العادات والتقاليد الموروثة في القرى والبلدات الكورانية بالقول: ″صارت الناس بدها كل شيئ عا الهينة، من هيك بيشتروا وما بيشتغلوا″. مؤكدة ان ″محاصيل المواسم الزراعية تراجعت كثيرا لعدم الاهتمام بها، ولم تعد خيّرة كالسابق″. واردفت قائلة: ″انا بساعد الارض تتعطي ولي ما بيساعد ارضه ما بتساعده″. ورات ان ما يشجع ″ست الضيعة على العمل في ارضها وشغل المونة البيتية هو تصريف انتاجها وتشجيعها بوسائل مختلفة على العمل″.

لذلك يواظب ″تجمع النهضة النسائية″ فرع الكورة على تنظيم معرضه السنوي من المونة البيئية، شغل ايدي السيدات الكورانيات، مطلع شهر تشرين الاول، لتصريف الانتاج المحلي. كما يقوم بتخصيص جناح لبعض المنتوجات البلدية في ارتيزانا – اميون، دعما لعمل المرأة اليدوي. وحفاظا على العادات القروية، وعد المهندس الزراعي ابن بلدة متريت رولون العنداري بشراء عصارة ومكبس للعنب على نفقته، ووضعهما بتصرف ابناء بلدته لتشجيعهم على صناعة العرق والنبيذ والدبس والخل وغيرهم، لدوام توارث هذه العادات عبر الاجيال.

Post Author: SafirAlChamal