لماذا عطّل رئيس الجمهورية صيغة الحريري الحكومية؟… غسان ريفي

رمى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الكرة في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث قدم له يوم أمس صيغة حكومية هي برأي الحريري “لا ينتصر فيها أحد على أحد، وهي صيغة مبدئية لحكومة وحدة وطنية لا تشبه سابقاتها”، ما يشير الى أن الحريري قدم قبل ذلك أكثر من صيغة حكومية الى الرئيس عون وجوبهت بالرفض.

في الشكل بدا واضحا أن الحريري خرج غير مرتاح من اللقاء مع الرئيس عون، وهو عبّر عن ذلك في أكثر من إشارة، أما في المضمون فقد أصر الرئيس المكلف على أن هذه الصيغة الحكومية سرية لا أحد يعلم ما فيها سوى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، تأكيدا منه على التمسك بصلاحياته الدستورية التي تخوله بمفرده تشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

تشير المعلومات الى أن الصيغة الحكومية لم تلق تجاوبا من رئيس الجمهورية، وهي لو كانت حظيت بموافقته لكان إمتد الاجتماع لساعات إضافية لاسقاط الأسماء على الحقائب وإعلان ولادة الحكومة العتيدة ولو في ساعة متأخرة من الليل، لكن بدا أن ثمة تحفظات رئاسية كثيرة على الصيغة الحريرية، ستتطلب مزيدا من الوقت.

وتقول هذه المعلومات: إن الحريري قدم صيغة حكومية من 30 وزيرا من دون أسماء، وهي موزعة على التيارات السياسية الأساسية وفيها عشرة وزراء للتيار الوطني الحر مع رئيس الجمهورية، أربعة وزراء للقوات اللبنانية، ووزير لتيار المردة، ستة وزراء لتيار المستقبل، ستة وزراء للثنائي الشيعي، وثلاثة وزراء للدروز إثنان ينتميان الى الحزب التقدمي الاشتراكي وواحد وسطي مقرب من وليد جنبلاط بقدر قربه من طلال أرسلان.

وتضيف المعلومات أن الحريري أعطى القوات ثلاث حقائب أساسية وواحدة عادية، وهي العدل والأشغال والشؤون الاجتماعية والثقافة، وهو بذلك قدم تضحية من حساب تيار المستقبل الذي سيكون له وزير دولة هو الوزير غطاس خوري إرضاء للقوات وتعويضا لها عن الحقيبة السيادية وعن منصب نائب رئيس الحكومة، ما يعني أنه سيكون من حصة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية وزيري دولة، وهو الأمر الذي رفضه الرئيس عون وطلب تعديله، مشددا على أن يكون للقوات اللبنانية وزير دولة الى جانب ثلاث حقائب، وهو ما ترفضه القوات التي باتت مطالبها واضحة، ما يشير الى أن الصراع القواتي ـ العوني سيتنامى أكثر فأكثر خلال المرحلة المقبلة، وربما يتخذ وجوها مختلفة.

وتقول هذه المعلومات الى أن الصيغة الحكومية تضمنت وزيرين درزيين ينتميان الى الحزب التقدمي الاشتراكي، ووزير درزي ثالث على مسافة واحدة من جنبلاط وأرسلان هو أشبه بالوزير “الملك” للطائفة الدرزية الذي يضمن بقاء التمثيل الدرزي في الحكومة في حال قرر جنبلاط الانسحاب منها لأي سبب كان، لكن ذلك إصطدم باصرار التيار الوطني الحر على توزير النائب طلال أرسلان.

لكن اللافت أن الحريري وقبل زيارته قصر بعبدا، إستقبل الوزير جبران باسيل وإستبقاه على مائدة الغداء حيث بحثا في التشكيلة الحكومية، فهل كان الوزير باسيل على علم أو في أجواء الصيغة التي قدمها الحريري الى عون بعد مغادرته بيت الوسط؟، وإذا كان على علم فهل ثمة تباينات بين باسيل وبين عمه رئيس الجمهورية الذي يمكن القول أنه عطل هذه الصيغة؟، وإذا كان باسيل رافضا لهذه الصيغة فلماذا قدمها الحريري الى رئيس الجمهورية وهو يعلم مسبقا أن مصيرها سيكون الرفض؟، أم أن هناك توافقا ما بين الحريري وباسيل على ضرورة إمتصاص النقمة الشعبية بتقديم صيغة حكومية تفتح نقاشا واسعا من شأنه أن يشغل اللبنانيين لفترة معينة؟، أم أن الحريري قرر أن يبدأ الضغط على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بتحميلهما مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة؟..

Post Author: SafirAlChamal