مئة يوم على تكليف الحريري: مكانك راوح… عبد الكافي الصمد

إنقضى أكثر من مئة يوم على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي، وهي مدة زمنية يبدو أنها لم تكن كافية للرئيس المكلف للقيام بمهمته، الذي ما يزال حتى اليوم يحاول تدوير الزوايا وحل العقد المستعصية التي تواجهه، لكن من غير أن يفلح في ذلك.

المعطيات المتوافرة حول مهمة الحريري توحي أنه ما يزال في المربع الأول من مهمته، وأنه لم يتقدم أي خطوة فعلية لتأليف الحكومة، بشكل أعطى إيحاءات وترك إنطباعات غير إيجابية حيال المهمة التي أوكلت إليه، وعن قدرته على إنجازها.

خلال هذه الفترة تبيّن أن الرئيس المكلف ليس هو من يؤلف الحكومة فعلياً، برغم أن الدستور يخوّله وحده القيام بهذه المهمة، بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، إذ يبدو أنه ترك هذه المهمة لسواه عن قصد أو مضطراً بحكم أمر واقع القوى السياسية في لبنان، والذي أفرزته أخيراً الإنتخابات النيابية الأخيرة وجعلت الحريري الأضعف بين الأقوياء، ما ألحق ضعفاً بموقع رئاسة الحكومة دفع خصومه قبل حلفائه في الطائفة السنّية إلى التطوع للدفاع عن الموقع، رافضين ما أصابه من ضعف ووهن غير مسبوقين في عهد الحريري.

لم يعد خافياً أن الأطراف السياسية الرئيسية باتت تملي على الحريري شروطاً لا يبدو قادراً على تلبيتها، ولا على تجاوزها وتجاهلها أيضاً، من الثنائي الشيعي المتمثل بحركة أمل وحزب الله، والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي، إذ وضع كل من هذه الأطراف شروطه ـ المتناقضة ـ على الطاولة، وأكد للرئيس المكلف أنه لن يتنازل عنها، وأنه في حال عدم إستجابته لها فإنه لن يكون قادراً على تأليف الحكومة.

ولا تتوقف العقد التي تواجه الحريري على الداخل اللبناني فقط، بل يعرف جيداً أن الصراع الإقليمي الذي بات لبنان إحدى أبرز ساحاته، وخصوصاً بين سوريا وإيران وحلفائهما من جهة والسعودية وحلفائها من جهة أخرى، بات أحد العقد التي لا يستطيع الحريري التخلص منها بسهولة، من غير تدخل دول إقليمية ودولية فاعلة تمد له يد العون، وهو امر لم يثمر حتى الآن برغم تدخل فرنسا في هذا المجال، من غير أن يكتب لوساطتها النجاح.

كل ذلك يجري وسط أجواء مشحونة في المنطقة، وصراعات من أجل رسم خرائط جديدة للنفوذ فيها بين دول المنطقة والقوى الدولية الفاعلة والمؤثرة، وعلى رأسها أميركا وروسيا، وفي ظل مصاعب وضغوطات وأعباء عديدة يعاني منها لبنان، سياسياً وأمنياً وإقتصادياً وإجتماعياً، ما دفع مجلة إقتصادية بريطانية عريقة كـ”الإيكونوميست” إلى التحذير من ″إنهيار يلوح في الأفق″، مثلما جاء في عنوان مقالها عن لبنان، تنبه فيه من إنهيار الإقتصاد اللبناني، وتحديداً قطاعاته الرئيسية، السياحة والعقارات والمصارف إذا استمر الوضع فيه على ما هو عليه، ولم تلجأ الحكومة إلى معالجته بشكل فوري جذري وفاعل.

فماذا ينتظر الحريري لتأليف الحكومة وإخراج نفسه والبلاد من عنق زجاجة الأزمات التي تحيط به وبلبنان من كل جانب؟.

مواضيع ذات صلة:

  1. مصير الحكومة مجهول.. والبلد يُجرّ إلى حافّة الهاوية…عبد الكافي الصمد

  2. هل طلب الحريري وساطة فرنسية لدى السّعودية لتسهيل تأليف الحكومة؟…عبد الكافي الصمد

  3. الحريري ينتظر ″غودو″: هل تأتي ″سين ـ سين″ جديدة لمساعدته؟…عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal