زيارات وطلب وساطات: موسم حج الى دمشق…عبد الكافي الصمد

لم يكن ما تم الكشف عنه قبل ايام من زيارة وفد اميركي رفيع المستوى الى دمشق، نهاية شهر حزيران الماضي، يشكل سوى راس جليد لزيارات وفود غربية للعاصمة السورية خلال الفترة تفسها تقريبا، ما يكشف ان ما يجري وراء الستار لا يعبر عن حقيقة ما يجري على خشبة المسرح السياسي في سوريا والمنطقة.

وإذا كانت زيارة الوفد الأميركي قد جذبت الأنظار أكثر من غيرها من زيارات بقية الوفود الغربية والعربية إلى عاصمة الأمويين، التي كانت بأغلبها وفود أمنية رفيعة، فإن ذلك مردّه إلى أن أميركا كانت، وما تزال، رأس حربة في الحرب الدائرة في سوريا، وتشكل سياستها تغطية لتدخلات دول ومجموعات مسلحة، تهدف إلى تقويض الدولة السورية وتنفيذ أجنداتها الخاصة فيها.

وكان واضحاً أن زيارة الوفد الأميركي، من حيث الشكل، هو بمثابة تسليم بفشل سياستها في سوريا، أما من حيث المضمون فإن الوفد الأميركي كان يحمل في جعبته عرضاً واضحاً وطلبات محددة؛ العرض يتمثل في سحب واشنطن جنودها من كل الأراضي السورية، بما فيها قاعدة التنف وشمال شرق نهر الفرات، مقابل 3 طلبات: الأول إنسحاب إيران من كل جنوب سوريا، والثاني حصول الشركات الأميركية على حصة من نفط الشرق السوري، والثالث داتا معلومات عن المجموعات المسلحة والإرهابية الموجودة التي قاتلت في سوريا طيلة السنوات الماضية.

تفاصيل ما حصل في ذلك اللقاء والردّ السوري على العرض والطلبات الأميركية ليست ذات أهمية بالمعنى السياسي العام، ولا بالبعد الإستراتيجي لما جرى ويجري من تطورات في غاية الأهمية على الأرض وفي المنطقة ككل، لأنها دخلت فعلاً مرحلة جديدة لن يكون ما بعدها كما كان ما قبلها.

ما يعني اللبنانيين من كل ذلك ليس استقرار الوضع العام في سوريا كونه يشكل صمّام أمان للإستقرار في لبنان أيضاً، ولا يُمهّد كذلك لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم ما يخفف من عبء وجودهم في لبنان، إنما ما يعنيهم هو كيفية تعاطي الطبقة السياسية مع هذه المستجدات والتطورات في سوريا، وكيف يمكن إستغلالها من اجل مصلحة البلد ككل، وليس من اجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة.

في الآونة الأخيرة طرح موضوع إعادة تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا، واتخذ سجالاً واسعاً جداً بين مرحب به من جهة ومعارض له من جهة أخرى، وأصبح بشكل أو بآخر إحدى العقد التي تعترض تشكيل الحكومة، لكن ما كان يجري خلف الكواليس حول هذا الموضوع كان مختلفاً كلياً.

فإذا كان السّياسيون المتحالفون والمقربون من دمشق يزرونها علناً، وينسقون معها في عدّة قضايا حيوية ومشتركة تهمّ البلدين، وهم لم يبدّلوا مواقفهم المبدئية برغم كل سنوات المحنة، فإن أطرافاً لبنانية معارضة لدمشق، بدأت بعبور الحدود نحو العاصمة السورية، وزيارة مسؤولين فيها سرّاً، أو إرسال موفدين من قبلهم لهذه الغاية، وصولاً إلى حدّ طلب بعضهم، ممن يعدّون من أبرز خصوم سوريا في لبنان، تدخل وساطات محلية واقليمية من أجل فتح صفحة جديدة بينهم وبين القيادة السورية.

وليس خافياً أن أهدافاً كثيرة تقف وراء سعي السياسيين اللبنانيين ترتيب علاقتهم مع دمشق، أولها معرفتهم أن كلمة القيادة السورية في لبنان وتأثيرها السياسي فيه لن يكون تجاهله ممكناً في المرحلة المقبلة، وثانيها طمعهم بالحصول على جزء من كعكة إعادة إعمار سوريا.

مواضيع ذات صلة:

  1. الحريري ـ تيار المستقبل وسوريا: تبادل أدوار أم اختلاف حقيقي؟… عبد الكافي الصمد

  2. جدار أزمة الحكومة يرتفع.. هل يعتذر الحريري؟… عبد الكافي الصمد

  3. من يُنزل الحريري عن الشّجرة؟… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal